لا يجوز لرب العمل إلغاء المنحة أو المكافأة بإرادته المنفردة في القانون المدني

لا يجوز لرب العمل إلغاء المنحة أو المكافأة بإرادته المنفردة في القانون المدني

في القانون المدني، إذا ثبت أن المنحة أو المكافأة تُصرف للعامل بصفة منتظمة وثابتة ومرتبطة بعلاقة العمل، فإنها تُعد جزءًا من الأجر المستحق، ولا يجوز لرب العمل أن يُلغيها أو يخفضها بإرادته المنفردة. فالعبرة ليست بتسمية المبلغ كمكافأة أو منحة، وإنما بحقيقته وواقع صرفه. فإذا أصبحت هذه المنحة حقًا مكتسبًا للعامل نتيجة الاستمرار في صرفها وقيام عرف مستقر بشأنها داخل جهة العمل، فإن المساس بها دون موافقة العامل يُعد إخلالًا بالعقد، ويُخالف مبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات. وقد أكدت محكمة النقض أن الأجر – وما في حكمه من منح ومكافآت ثابتة – لا يجوز تعديله أو الانتقاص منه بإرادة رب العمل وحده، لأنه عنصر جوهري في عقد العمل لا يجوز تغييره إلا باتفاق الطرفين أو بموجب نص قانوني صريح.

لا يجوز لرب العمل إلغاء المنحة أو المكافأة إذا كانت المنشأة لم تحقق ربحا أو منيت بخسارة أو أشهر إفلاس رب العمل :

لا يجوز لرب العمل أن يُلغي المنحة أو المكافأة أو يمتنع عن صرفها لمجرد أن المنشأة لم تحقق ربحًا، أو منيت بخسارة، أو حتى أُشهر إفلاسه، طالما كانت هذه المنحة أو المكافأة تُصرف بصفة منتظمة وثابتة وأصبحت بذلك جزءًا من الأجر الفعلي للعامل.

فاستحقاق العامل لها لا يرتبط بمدى ربحية المنشأة أو حالتها المالية، بل يستند إلى حق مكتسب نشأ عن استمرار صرفها وارتباطها بالوظيفة، مما يُرتب التزامًا قانونيًا على جهة العمل لا يسقط بزوال الأرباح.

وقد استقر القضاء على أن الخسارة أو الإفلاس لا تُبرر الإخلال بحقوق العمال المالية التي اكتسبوها بموجب علاقة العمل، لأن الأجر – بما في ذلك المكافآت الثابتة – يُعد من الديون الممتازة التي تتقدم على غيرها عند توزيع موجودات التفليسة، ولا يجوز المساس به بذريعة الظروف الاقتصادية لصاحب العمل.

آثار إعتبار المنحة أو المكافأة جزءا من الأجر :

يترتب على اعتبار المنحة أو المكافأة جزءًا من الأجر عدة آثار قانونية هامة تؤثر في حقوق العامل والتزامات صاحب العمل. أولًا، تدخل هذه المنحة أو المكافأة ضمن وعاء الأجر الذي يُحتسب على أساسه الاشتراكات التأمينية وفقًا لقانون التأمينات الاجتماعية.

ثانيًا، تُحتسب ضمن الأجر المستحق عند حساب مكافأة نهاية الخدمة، وتعويض الفصل، والأجر عن الإجازات السنوية، ومهلة الإخطار. ثالثًا، لا يجوز لصاحب العمل تعديلها أو إلغاؤها أو الانتقاص منها بإرادته المنفردة، طالما ثبت انتظام صرفها وارتباطها بعلاقة العمل، لأنها أصبحت حقًا مكتسبًا للعامل.

كما تُعد هذه المكافأة أو المنحة محمية قانونًا، ويجوز للعامل المطالبة بها قضائيًا إذا امتنع صاحب العمل عن صرفها، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من التزامات الأجر المنصوص عليها في عقد العمل أو العرف أو اللوائح الداخلية.

ما يصرف للعامل مقابل زيادة أعبائه العائلية وكا شابه ذلك :

ما يُصرف للعامل مقابل زيادة أعبائه العائلية، كبدل الزوجية أو بدل الأولاد أو منح التعليم أو إعانات السكن، يُعد من الملحقات الاجتماعية للأجر، ويهدف إلى مراعاة الظروف الشخصية للعامل وتخفيف الأعباء المالية الناتجة عن التزاماته العائلية.

وهذه المبالغ لا تُصرف مقابل عمل أو إنتاج، بل تُمنح بناءً على الوضع الاجتماعي أو الأسري للعامل، وغالبًا ما تنظمها نصوص قانونية أو لوائح داخلية أو اتفاقات جماعية. و

يُعد ما يُصرف في هذا الإطار من الحقوق المالية التي تُلزم بها جهة العمل متى توافرت الشروط المقررة لها، ويترتب على ذلك أن هذه المبالغ تُحتسب ضمن الأجر الإجمالي للعامل إذا نص القانون أو العرف على ذلك، لكنها لا تدخل دائمًا في حساب الاشتراكات التأمينية أو المكافآت، إلا إذا ورد بذلك نص صريح، باعتبارها ذات طابع تعويضي اجتماعي لا مهني.

الحكم في قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 من القانون المدني

يُعتبر قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 هو القانون الخاص الذي يحكم علاقة العمل الفردية بين العامل وصاحب العمل، ويُقدَّم في التطبيق على أحكام القانون المدني باعتباره القانون العام في العقود. وقد نصت المادة الأولى من القانون المدني على أنه لا يُرجع إلى أحكام القانون المدني إلا إذا لم يوجد نص خاص في قانون العمل يُنظّم المسألة محل النزاع.

وبناءً على ذلك، فإن أحكام القانون المدني تُطبق في مجال العمل على سبيل الاستثناء والتكملة، أي في حالة سكون النص في قانون العمل، أو غموضه، أو وجود فراغ تشريعي. وهذا ما استقرت عليه محكمة النقض، مؤكدة أن العلاقة العمالية يُنظّمها قانون العمل أولًا، ولا يُلجأ إلى القانون المدني إلا كمصدر احتياطي، على ألا يتعارض تطبيقه مع المبادئ الخاصة بحماية العامل المنصوص عليها في قانون العمل.

الوهبة المادة 684 من القانون المدني

تُعالج المادة 684 حالة خلو عقد العمل من نص يحدد الأجر، أو عدم وجود تنظيم له من خلال لائحة داخلية أو اتفاقية جماعية أو حتى عرف مهني مستقر. فهي تنظم وسائل تقدير أجر العامل في حال غياب الاتفاق الصريح عليه، حفاظًا على حق العامل في الأجر، باعتباره عنصراً جوهريًا في عقد العمل لا يقوم العقد بدونه.

نص المادة 684 من القانون المدني تنص على :-

(1) لا يلحق بالأجر ما يعطى على سبيل الوهبة إلا فى الصناعة أو التجارة التى جرى فيها العرف بدفع وهبة وتكون لها قواعد تسمح بضبطها .

(2) وتعتبر الوهبة جزءاً من الأجر ، إذا كان ما يدفعه منها العملاء إلى مستخدمى المتجر الواحد يجمع فى صندوق مشترك ليقوم رب العمل بعد ذلك بتوزيعه على هؤلاء المستخدمين بنفسه أو تحت إشرافه.

(3) ويجوز فى بعض الصناعات آصناعة الفنادق والمطاعم والمقاهي والمشارب ، ألا يكون للعامل أجر سوى ما يحصل عليه من وهبة وما يتناول من طعام .

المقصود بالوهبة في القانون المدني :

الوهبة في القانون المدني تُقصد بها المال أو المنفعة التي يُعطيها شخص لآخر بغير مقابل، على سبيل التبرع أو العطاء المجاني، دون أن يلتزم المتلقي بأداء عمل مقابلها. ويُشترط في الوهبة أن تصدر عن إرادة حرة، وألا يكون لها سبب تجاري أو تعاقدي، فهي تختلف عن الأجر أو المكافأة أو المنحة المنتظمة، إذ لا ترتبط بعلاقة عمل أو أداء معين.

وقد نص القانون المدني على أحكام الهبة ضمن العقود الملزمة لجانب واحد، وتخضع لشروط خاصة كوجوب القبول، وأحيانًا الكتابة، ويجوز الرجوع فيها بشروط معينة. وفي مجال علاقات العمل، إذا ثبت أن ما صُرف للعامل كان على سبيل الوهبة البحتة غير المرتبطة بالوظيفة أو بالعرف أو بالتنظيم الداخلي، فإنها لا تُعد جزءًا من الأجر ولا يُعتد بها في حساب الحقوق المالية للعامل.

الأصل في الوهبة أنها تبرعية :

الأصل في الوهبة أنها تصرف تبرعي يصدر عن الشخص بمحض إرادته، ويُقصد به الإثراء المجاني للغير دون مقابل، أي أنها تقوم على نية التبرع لا المعاوضة. ولهذا تُعد من العقود الملزمة لجانب واحد، إذ لا يُنتظر من الموهوب له أداء مقابل، ولا ترتبط الوهبة بأداء عمل أو خدمة أو نتيجة.

ويترتب على هذه الطبيعة التبرعية أن الوهبة لا تُفترض، بل يجب إثبات قصد التبرع بوضوح، لأن الأصل في التصرفات أن تكون مقابل عوض، ولا يُصار إلى اعتبار التصرف تبرعًا إلا إذا توافرت الدلائل القطعية على ذلك. وقد استقر القضاء على أن الوهبة لا تُفسر توسعًا، ولا تُعتد بها في العلاقة بين العامل وصاحب العمل إلا إذا ثبت أنها محض تبرع لا صلة له بالعمل أو بأجر العامل.

شروط إعتبار الوهبة جزءا من الأجر

1- أن يجرى العرف بدفعها :

إذا جرى العرف على دفع الوهبة للعاملين بصفة منتظمة ومستقرة، فإنها تفقد طبيعتها التبرعية وتُصبح التزامًا ضمنيًا على صاحب العمل، وتُعد بذلك جزءًا من الأجر. فالعرف المهني أو العرف داخل جهة العمل يُعد مصدرًا من مصادر الالتزام، ويكتسب قوته القانونية متى كان عامًّا، مستقرًّا، ومتكررًا، وتوافرت فيه عناصر الانتظام والثبات.

ويُعتد بهذا العرف سواء كان مكتوبًا أو غير مكتوب، ويجوز إثباته بكافة طرق الإثبات، ككشوف المرتبات أو شهادة الشهود أو المستندات الداخلية. وقد استقر القضاء على أن استمرار صاحب العمل في دفع مبلغ معين تحت مسمى وهبة أو منحة أو مكافأة، وبشكل دوري لجميع العاملين، يُنشئ عرفًا ملزمًا، ويُعتبر قرينة على وجود نية التزام، مما يجعل المبلغ جزءًا لا يتجزأ من الأجر المستحق للعامل.

2- أن توجد قواعد تسمح بضبطها :

لكي تُعتبر الوهبة أو المنحة جزءًا من الأجر، يجب أن توجد قواعد تسمح بضبطها وتنظيم صرفها، سواء من خلال نص في لائحة العمل، أو نظام داخلي، أو اتفاق جماعي، أو عرف مستقر داخل المنشأة. فوجود مثل هذه القواعد يُشير إلى أن صرف الوهبة لم يعد أمرًا تبرعيًا خاضعًا لمشيئة صاحب العمل، بل أصبح منظمًا وفق معايير موضوعية قابلة للتطبيق والرقابة، كأن يُربط صرفها بمدة الخدمة، أو مستوى الأداء، أو حلول مناسبة معينة.

وهذه القواعد تُسهّل إثبات استحقاق العامل لها، وتُؤكد أنها ليست من قبيل التبرع، بل عنصر مالي منضبط في العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل. وقد اعتبر الفقه والقضاء أن وجود هذه القواعد يُعد قرينة قوية على تحول الوهبة إلى التزام دوري، وبالتالي دخولها في حساب الأجر وما يترتب عليه من آثار قانونية.

موقع مكتب محمد منيب

للاستفادة من خبرات المستشار محمد منيب وفريقه، زوروا موقعنا الإلكتروني mohamedmounib.com أو تواصلوا معنا للحصول على استشارة قانونية. نحن هنا لدعمكم وتحقيق العدالة التي تستحقونها.

مكتب محمد منيب – أفضل محامي قضايا مدنية في مصر

13 شارع الخليفة من شارع الهرم ناصية فندق الفاندوم، بجوار السجل المدنى، الهرم، الجيزة.

📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!