لا تستحق العمولة إذا كانت من ملحقات الأجر إلا إذا تحقق سببها في القانون المدني
في القانون المدني، إذا كانت العمولة من ملحقات الأجر، فإنها لا تُستحق تلقائيًا لمجرد وجود علاقة عمل، بل يشترط أن يتحقق السبب الذي من أجله تقررت هذه العمولة. والسبب هنا هو إتمام الصفقة أو إبرام العقد أو تحقيق النتيجة التي ترتبط بها العمولة. فإذا لم يتحقق هذا السبب، كأن يفشل العامل في إتمام البيع أو لم تُبرم الصفقة بسبب يرجع إليه، فإن العمولة لا تُستحق، لأنها ترتبط بطبيعتها بأداء عمل معين أو بتحقيق نتيجة محددة. ويُعد هذا التطبيق امتدادًا لقاعدة عامة في الالتزامات، وهي أن الملحق التابع للشيء لا يقوم إلا بقيامه، فالعمولة كملحق للأجر لا تُستحق ما لم يتحقق سببها المشروع.
أمثلة من قضاء النقض
(أ) عمولة البيع والتوزيع والتحصيل :
عمولة البيع والتوزيع والتحصيل هي صورة من صور العمولة التي تُمنح للعامل لقاء قيامه بأعمال محددة ترتبط عادةً بالنشاط التجاري أو التسويقي للمنشأة. فعادةً ما تُخصص للعامل الذي يتولى بيع المنتجات أو توزيعها على العملاء أو تحصيل قيمتها، وتُحتسب بنسبة معينة من قيمة المبيعات أو المبالغ المحصّلة.
وتُعد هذه العمولة من ملحقات الأجر المتغيرة، إذ لا تُستحق إلا إذا تحقق السبب الذي تقررت من أجله، كإتمام البيع أو إتمام التحصيل فعلًا. وقد جرى العمل على منح هذه العمولة للموظفين كالمندوبين التجاريين أو الطوافين نظير مجهودهم المباشر في تنشيط المبيعات وتحقيق الإيرادات، وهي بذلك تمثل حافزًا للربط بين الأجر والنتيجة المحققة فعليًا.
(ب) عمولة الإنتاج :
عمولة الإنتاج هي نوع من أنواع العمولة التي تُمنح للعامل مقابل ما يُنجزه من إنتاج فعلي خلال فترة معينة، وغالبًا ما تُحتسب بنسبة من كمية الإنتاج أو من قيمته. وتُعد هذه العمولة وسيلة لتحفيز العامل على زيادة كفاءته ومعدل إنتاجه، إذ يرتبط أجره المتغير بمدى ما يُحققه من ناتج.
وهي تدخل ضمن ملحقات الأجر، ولا تُستحق إلا إذا تحقق الإنتاج فعليًا وفقًا للمعايير المتفق عليها من حيث الكم أو الكيف. وتُمنح عمولة الإنتاج عادة في القطاعات الصناعية أو الحرفية، حيث يمكن قياس الإنتاج بدقة، ويُراعى في تقديرها طبيعة العمل ومدى مساهمة العامل الشخصية في العملية الإنتاجية.
(ج) الأجر الإضافي :
الأجر الإضافي هو المقابل المالي الذي يستحقه العامل نظير قيامه بعمل زائد عن عدد ساعات العمل القانونية أو المتفق عليها في عقد العمل. ويُعد هذا الأجر من ملحقات الأجر، ويخضع لقواعد خاصة في حسابه، حيث يُحتسب غالبًا بنسبة تزيد عن الأجر العادي، وفقًا لما يقرره القانون أو الاتفاق، وذلك تعويضًا للعامل عن الجهد الإضافي المبذول خارج نطاق ساعات العمل المعتادة.
ويهدف الأجر الإضافي إلى تشجيع العمال على أداء ساعات عمل إضافية عند الحاجة، مع ضمان عدم استغلالهم، ويشترط لاستحقاقه أن يكون العمل الإضافي قد تم بتكليف أو موافقة صريحة أو ضمنية من صاحب العمل.
(د ) عمولة الدعاية والترويج :
عمولة الدعاية والترويج هي مبلغ يُمنح للعامل الذي يباشر أعمالًا تهدف إلى الترويج لمنتجات أو خدمات المنشأة وزيادة انتشارها في السوق، دون أن يقتصر دوره على إتمام عمليات البيع ذاتها. وتُحتسب هذه العمولة عادةً بنسبة من حجم التأثير التسويقي المحقق، أو بناءً على عدد العملاء المستقطبين، أو حجم الطلبات الناتجة عن الحملات الدعائية.
وتُعد هذه العمولة من ملحقات الأجر المتغيرة، فلا تُستحق إلا إذا تحقق الهدف الذي وُضعت لأجله، كزيادة المبيعات أو توسيع قاعدة العملاء. وغالبًا ما تُمنح لمندوبي الدعاية والمروجين التجاريين، وتُشكل حافزًا لهم على الابتكار في أساليب التسويق وتحقيق نتائج ملموسة تعود بالنفع على المنشأة.
هل تدخل العمولة في حساب حقوق العامل إذا كانت من ملحقات الأجر :
إذا كانت العمولة من ملحقات الأجر، فإنها تدخل في حساب حقوق العامل المالية، بشرط أن تكون مستمرة ومنتظمة وتشكل جزءًا ثابتًا من دخله، كأن تُصرف له شهريًا أو بشكل دوري منتظم. وفي هذه الحالة تُعد العمولة جزءًا من الأجر الإجمالي الذي يُعتد به عند حساب مستحقات العامل مثل مكافأة نهاية الخدمة، وتعويض الإجازات، ومقابل مهلة الإخطار، والتعويض عن الفصل.
أما إذا كانت العمولة عرضية أو غير منتظمة أو مشروطة بتحقيق نتائج معينة ولم تتحقق هذه النتائج، فلا تدخل في حساب هذه الحقوق، لأنها لا تُعد عنصرًا ثابتًا من عناصر الأجر. وقد استقر القضاء على ضرورة التحقق من طبيعة العمولة وطريقة صرفها قبل إدخالها ضمن عناصر الأجر المستحق للعامل عند انتهاء العلاقة العمالية.
اولا : رأى الفقه :
يرى الفقه أن العمولة إذا كانت من ملحقات الأجر، فإنها تُعد جزءًا من الأجر المتغير الذي يتقاضاه العامل، وتخضع – من حيث الاستحقاق – لقاعدة عامة مفادها أن العامل لا يستحقها إلا إذا تحقق السبب الذي من أجله قُررت، مثل إتمام البيع أو التحصيل أو تحقيق الهدف الترويجي.
ويؤكد الفقهاء أن العمولة تدخل ضمن مفهوم الأجر بالمعنى الواسع المنصوص عليه في قانون العمل، وبالتالي يجب احتسابها ضمن مستحقات العامل النهائية إذا كانت تُصرف له بانتظام وكان يعتمد عليها في معيشته، لا سيما في الحالات التي تثبت فيها صفة الاستمرارية والثبات. كما يفرق الفقه بين العمولة كعنصر من عناصر الأجر إذا كانت منتظمة، وبينها كمكافأة عرضية أو حافز إذا كانت غير منتظمة أو خاضعة للسلطة التقديرية لصاحب العمل.
ثانيا : إتجاه محكمة النقض :
اتجهت محكمة النقض المصرية إلى اعتبار أن العمولة إذا كانت تُصرف بانتظام وتُمثل جزءًا من أجر العامل، فإنها تدخل ضمن عناصر الأجر الواجب الاعتداد بها عند تقدير حقوقه القانونية، كالتعويض عن الفصل أو حساب مكافأة نهاية الخدمة. وقد قضت المحكمة بأن: "العمولة التي تُدفع للعامل بصفة منتظمة وتُحتسب وفقًا لمعدلات ثابتة تُعد جزءًا من الأجر، ويجب أن تدخل في حساب مستحقاته كافة."
كما أكدت في أحكامها أن العمولة، وإن كانت من ملحقات الأجر المتغيرة، فإنها تخضع لنفس الأحكام العامة للأجر طالما ثبت انتظام صرفها وارتباطها بطبيعة العمل. وهذا الاتجاه يعكس حرص المحكمة على حماية العامل وضمان حصوله على جميع عناصر أجره الفعلي عند انتهاء علاقة العمل.
أمثلة من قضاء النقض
عدم إستحقاق العامل العمولة عن مدة وقفه عن العمل :
يُقر الفقه والقضاء بأن العامل لا يستحق العمولة عن مدة وقفه عن العمل، وذلك لأن العمولة تُعد من ملحقات الأجر المتغيرة التي تُستحق مقابل أداء فعلي للعمل، وبخاصة عند تحقق نتيجة معينة كإتمام البيع أو التحصيل أو الترويج. فإذا كان العامل موقوفًا عن العمل سواء تأديبيًا أو احتياطيًا، فإنه لا يباشر النشاط الذي تُستحق عنه العمولة، ومن ثم ينتفي سبب الاستحقاق، ولا يجوز مطالبته بها عن تلك الفترة.
وقد استقرت محكمة النقض على هذا المعنى، مؤكدة أن العمولة لا تُعد أجرًا ثابتًا، بل تُربط مباشرة بالجهد الذي يبذله العامل والنتائج المحققة منه، ومن ثم فإن وقف العامل عن مباشرة عمله يترتب عليه سقوط حقه في العمولة عن مدة الوقف، ما لم يثبت صدور قرار لاحق ببراءته وصرف مستحقاته عنها بأثر رجعي.
المستشار / محمد منيب
أفضل محامٍ في القضايا المدنية والإيجارات في مصر
تواصل معنا اليوم
📍13 شارع الخليفة من شارع الهرم ناصية فندق الفاندوم، بجوار السجل المدنى، الهرم، الجيزة.