بعض المبادئ التي قررتها محكمة النقض في قطع التقادم وقفه في القانون المدني
قررت محكمة النقض المصرية في العديد من أحكامها مبادئ مستقرة بشأن قطع التقادم ووقفه وفقًا لأحكام القانون المدني، ومن أبرز هذه المبادئ أن قطع التقادم لا يتم إلا بفعل يوجهه الدائن إلى المدين ويدل على تمسكه بحقه، مثل رفع الدعوى أو الإنذار الرسمي، ولا يكفي مجرد المطالبة الودية. كما أكدت المحكمة أن التقادم لا يُقطع إلا إذا كان الحق قد نشأ بالفعل، وأن الانقطاع يُجدد المدة من بدايتها، ولا يُحسب ما مضى منها قبل الانقطاع. أما الوقف، فقد قضت محكمة النقض بأنه لا يكون إلا إذا قام مانع مؤقت يحول دون الدائن ومباشرة حقه، كالقوة القاهرة أو نقص الأهلية، ويُستأنف سريان التقادم بعد زوال هذا المانع. وميزت المحكمة بدقة بين القطع الذي يزيل ما مضى من المدة، والوقف الذي يجمّد سريانها مؤقتًا، مما يعكس احترامًا دقيقًا من القضاء المدني لفكرة استقرار المعاملات وتحقيق العدالة بين الأطراف.
بعض المبادئ التي قررتها محكمة النقض في قطع التقادم وقفه في القانون المدني
1- المطالبة القضائية التي تقطع التقادم هي التي تتعلق بالحق المراد إقتضاؤه وبين ذات الخصوم :
" وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك لأنه لما كان من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الإجراء القاطع للتقادم يتعين أن يكون متعلقاً بالحق المراد اقتضاؤه ومتخذا بين نفس الخصوم بحيث إذا تغاير الحقان أو اختلف الخصوم فإنه لا يترتب عليه هذا الأثر، لما كان ذلك وكان الأمران العسكريان رقمي ١٥٨ ، ١٥٩ الصادران في ۱۹٤١/٧/١٥ قد ناطا بالحارس العام على أموال الرعايا الألمان النيابة عن هؤلاء الرعايا في إدارة أموالهم وفي مباشرة إجراءات التقاضي ، فإن الدعوى الماثلة تكون قد رفعت على ذي صفة ومن ثم قاطعة للتقادم ، ولا يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتنق هذا النظر قد خالف صحيح القانون " .
2- المطالبة القضائية التي تقطع التقادم هي المطالبة الجازمة :
وإذا كان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه يشترط ى المطالبة القضائية التي تقطع التقادم ، أن يتوافر فيها معنى الطلب الجازم بالحق الذى يراد اقتضاؤه ، فلا تعتبر صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما قاطعة للتقادم إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه مما يجب بوجوبه أو يسقط بسقوطه ، وكانت مطالبة الطاعن في الدعوى السابقة بتعديل أجره الأساسي والاحتفاظ بحقه فى فرق المنح - على فرض صحة هذا الاحتفاظ لا تحمل معنى الطلب الجازم بفرق المنح الذي ينقطع به التقادم ، فإن النعى بهذا السب يكون غير أساس ".
علاقة العمل لا توقف التقادم :
استقر القضاء على أن مجرد قيام علاقة العمل بين العامل وصاحب العمل لا يترتب عليه وقف سريان التقادم بالنسبة للحقوق الناشئة عن هذه العلاقة، ما لم يوجد نص قانوني خاص يقضي بخلاف ذلك. فالتقادم كقاعدة عامة يسري طالما كان الحق قابلاً للمطالبة به، ولا يُوقف بمجرد استمرار العلاقة التعاقدية بين الطرفين.
وبالتالي، فإن العامل إذا تراخى عن المطالبة بحقوقه – كأجور متأخرة أو تعويضات – خلال المدة القانونية للتقادم، فإن حقه يسقط بالتقادم، حتى لو ظلت علاقة العمل قائمة. وهذا ما أكدته محكمة النقض، موضحة أن استمرار العلاقة لا يُعد مانعًا قانونيًا يحول دون المطالبة القضائية بالحق، ومن ثم لا يوقف التقادم أو يمنع سريانه.
الشكوى المقدمة إلى مكتب العمل لا تقطع التقادم :
قضت محكمة النقض بأن الشكوى التي يقدمها العامل إلى مكتب العمل لا تُعد من الإجراءات القاطعة للتقادم طبقًا للمادة 383 من القانون المدني، لأنها ليست مطالبة قضائية تُباشر أمام جهة قضائية مختصة بنظر النزاع، بل تُعد إجراءً إداريًا تمهيديًا لا يترتب عليه قطع مدة التقادم. ولما كان القطع لا يتحقق إلا بإجراء يدل بوضوح على التمسك بالحق ومباشرة المطالبة به قضائيًا، فإن مجرد تقديم الشكوى أو إجراء تسوية ودية أمام جهة إدارية لا يكفي.
وعلى هذا الأساس، فإن التقادم يستمر في السريان رغم تقديم الشكوى، ما لم تُتبع هذه الشكوى بدعوى قضائية صحيحة تُباشر أمام المحكمة المختصة وتُعلن للمدين.
إتهام العامل وتقديمه للمحاكمة الجنائية لا يوقف التقادم :
لا يترتب على اتهام العامل وتأجيل الفصل في النزاع لحين انتهاء محاكمته جنائيًا أثر في وقف سريان التقادم في الدعاوى المدنية الناشئة عن علاقة العمل، ما لم يوجد نص قانوني خاص يقرر ذلك. فالتقادم لا يتوقف إلا إذا قام مانع قانوني أو مادي يجعل من المستحيل على الدائن المطالبة بحقه، كالقوة القاهرة أو فقد الأهلية، أما مجرد اتهام العامل أو إحالته للمحاكمة الجنائية فلا يشكل مانعًا من هذا النوع.
وقد استقرت محكمة النقض على أن الانتظار لحين انتهاء المحاكمة الجنائية لا يوقف تقادم الدعوى المدنية، ما دام في وسع صاحب الحق المطالبة به أمام المحكمة المختصة، خاصة إذا كان النزاع متعلقًا بحقوق مالية مستقلة عن الجريمة.
تقدير المانع من المطالبة بالحق والذي يعتبر سببا لوقف التقادم يقوم على عناصر واقعية :
يُعتبر تقدير وجود مانع قانوني أو مادي يحول دون مطالبة الدائن بحقه، والذي يؤدي إلى وقف سريان مدة التقادم، أمرًا يرتكز على عناصر واقعية يُقدرها قاضي الموضوع بحسب ظروف كل حالة على حدة. فليس كل عذر أو ظرف يُعتبر مانعًا، بل يجب أن يكون المانع فعليًا وجديًا بحيث يجعل من المستحيل على صاحب الحق رفع الدعوى أو اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة خلال فترة معينة.
ومن أمثلة هذه الموانع: القوة القاهرة، مثل الحروب والكوارث الطبيعية، أو عدم الأهلية القانونية المؤقتة، أو أي ظرف آخر يحول دون ممارسة الحق قانونًا وفعليًا. ويكون تقدير القاضي لهذا المانع مرتبطًا بالأدلة المقدمة والملابسات الخاصة بالنزاع، مما يضمن تحقيق العدالة وعدم استغلال القواعد الشكلية على حساب الحقوق الجوهرية.
التقادم لا يتعلق بالنظام العام :
التقادم في القانون المدني هو قاعدة تهدف إلى تحقيق الاستقرار القانوني وتنظيم سير الحقوق والالتزامات، ولكنه لا يُعتبر من قواعد النظام العام التي يُلزم احترامها بأي حال ودون تهاون. بمعنى آخر، يجوز للخصوم الاتفاق على تخطي أو تعليق التقادم أو التنازل عنه، ما لم ينص القانون على استثناء خاص.
ولهذا، فإن المحكمة لا تلتزم بقبول الدفع بالتقادم تلقائيًا، بل يجب أن يُثار هذا الدفع من قبل الطرف الذي يدعي سقوط الحق بالتقادم، ويجوز للخصم الموافقة على استمرار النظر في الدعوى رغم وجود التقادم. ويُظهر هذا أن التقادم هو حق من حقوق الدفاع، وليس قاعدة حماية عامة تُطبق من تلقاء المحكمة حماية للصالح العام.
موقع مكتب المستشار محمد منيب
للاستفادة من خبرات المستشار محمد منيب وفريقه، زوروا موقعنا الإلكتروني mohamedmounib.com أو تواصلوا معنا للحصول على استشارة قانونية. نحن هنا لدعمكم وتحقيق العدالة التي تستحقونها.📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774