إلتزام المؤمن له بإخطار المؤمن بوقوع الخطر في القانون المدني

إلتزام المؤمن له بإخطار المؤمن بوقوع الخطر في القانون المدني

يُعد التزام المؤمن له بإخطار المؤمن بوقوع الخطر أحد الالتزامات الجوهرية التي تترتب على عقد التأمين، ويهدف هذا الإخطار إلى تمكين المؤمن من مباشرة مسؤولياته في الوقت المناسب، كفحص الواقعة والتحقق من سبب الحادث وتقدير حجم الضرر واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتقليل آثاره أو لمنع تفاقمه.

ويجب أن يتم الإخطار خلال المدة المحددة في وثيقة التأمين، أو في أقرب وقت ممكن بعد تحقق الخطر، بحسب طبيعة كل حالة. وإذا تأخر المؤمن له في الإخطار دون مبرر مشروع، فقد يؤدي ذلك إلى سقوط حقه في التعويض كليًا أو جزئيًا، متى ثبت أن التأخير ألحق ضررًا بالمؤمن أو حال دون التحقق من ظروف الحادث على نحو سليم.

أهمية الإخطار :

يُعد الإخطار من العناصر الجوهرية في عقد التأمين، إذ يُلزم المؤمن له بإبلاغ المؤمن فور علمه بتحقق الخطر أو وقوع الحادث المؤمن ضده، خلال المدة المتفق عليها أو في أقرب وقت ممكن بحسب طبيعة الظروف. وتكمن أهمية الإخطار في تمكين المؤمن من التحقق من أسباب الحادث وملابساته، واتخاذ ما يلزم من تدابير للحد من تفاقم الضرر أو التحقيق فيه، كما يُساعد على الحفاظ على حقه في الرجوع على المتسبب في الضرر إذا كان الغير مسؤولًا عنه.

ويُعد التأخر غير المبرر في الإخطار، دون عذر مشروع، إخلالًا بالتزام المؤمن له، وقد يؤدي إلى سقوط حقه في التعويض، خاصة إذا تسبب هذا التأخير في إلحاق ضرر بالمؤمن أو عرقل إثبات حقيقة الخطر.

مضمون الإلتزام :

يتضمن التزام المؤمن له بإخطار المؤمن بوقوع الخطر إبلاغه بكل ما طرأ من حوادث يُحتمل أن تُرتب مسؤوليته في التعويض، مع بيان ظروف وقوع الحادث وتاريخه ومكانه، وطبيعة الضرر الناتج عنه، وأسبابه الظاهرة، وكل ما يتصل به من معلومات جوهرية تساعد المؤمن على اتخاذ القرار المناسب.

ويشمل هذا الالتزام أيضًا تعاون المؤمن له مع المؤمن في تقديم المستندات والتقارير اللازمة لتقييم الضرر والتحقق من مدى تحقق الخطر المؤمن منه. ويُفترض أن يكون الإخطار دقيقًا وكاملًا وخاليًا من الغش أو الإخفاء، لأن صحة هذا الإجراء تؤثر تأثيرًا مباشرًا على حقوق المؤمن والتزامه بالتعويض.

لمن يوجه الإخطار ؟

يُوجَّه الإخطار بوقوع الخطر إلى المؤمن، أي إلى شركة التأمين أو من يمثلها قانونًا، كالمندوب أو الوسيط المعتمد، ويُراعى أن يتم ذلك وفق الوسيلة المحددة في وثيقة التأمين، سواء كانت كتابة أو بأي وسيلة إلكترونية معترف بها. ويكفي أن يَرد الإخطار إلى الجهة المختصة داخل شركة التأمين وفي الموعد المحدد، حتى يُعتبر المؤمن له قد أدى التزامه.

ولا يُشترط أن يتم الإخطار إلى شخص معين بذاته داخل الشركة، بل يكفي أن يُرسل إلى العنوان الرسمي أو الجهة المختصة باستلام المطالبات. وإذا كان الوسيط مفوضًا من الشركة، جاز توجيه الإخطار إليه، وتُعد الشركة في هذه الحالة مُبلغة قانونًا من تاريخ الإخطار.

شكل الإخطار :

لا يشترط القانون شكلًا معينًا للإخطار بوقوع الخطر، ما لم تُحدد وثيقة التأمين شكلاً خاصًا، ولذلك يجوز أن يتم الإخطار شفاهة أو كتابة، أو بأي وسيلة اتصال معتمدة كالبريد الإلكتروني أو الرسائل النصية، بشرط أن يكون واضحًا ومحددًا ويتضمن البيانات الجوهرية عن الحادث، مثل تاريخ وقوعه، ومكانه، وطبيعته، والضرر الناتج عنه.

ومع ذلك، يُفضل دائمًا أن يكون الإخطار مكتوبًا، سواء بخطاب مسجل أو مستند إلكتروني موثق، لإثبات حصول الإخطار وتاريخه ومضمونه عند النزاع. ويُراعى أن يكون الإخطار جدّيًا وخاليًا من الغموض أو التضليل، لأن صحته تؤثر مباشرة في التزام المؤمن بدفع التعويض.

ميعاد الإخطار :

ميعاد الإخطار بوقوع الخطر يُعد من المسائل الجوهرية في عقد التأمين، إذ يجب على المؤمن له أن يُخطر المؤمن بالحادث خلال المهلة المحددة في وثيقة التأمين، وإن لم تُحدد مدة معينة، وجب أن يتم الإخطار في أقرب وقت ممكن بحسب طبيعة الحادث والظروف المحيطة به.

ويُشترط أن يكون الإخطار في وقت يسمح للمؤمن بالتحقق من وقوع الخطر واتخاذ ما يلزم من تدابير للحد من آثاره. وإذا تأخر المؤمن له في الإخطار دون عذر مقبول، ونتج عن هذا التأخير ضرر للمؤمن، كضياع معالم الحادث أو صعوبة التحقيق فيه، جاز للمؤمن التمسك بسقوط حق المؤمن له في التعويض، كليًا أو جزئيًا، وفقًا لما تقضي به قواعد حسن النية في تنفيذ العقود.

جزاء الإخلال بالإلتزام بالإخطار :

يترتب على الإخلال بالالتزام بالإخطار جزاء قد يصل إلى سقوط حق المؤمن له في التعويض، كليًا أو جزئيًا، إذا ثبت أن التأخير أو عدم الإخطار قد ألحق ضررًا فعليًا بالمؤمن، كأن يحول دون التحقق من أسباب الحادث أو تقدير حجم الضرر أو ممارسة حق الرجوع على المتسبب فيه.

ويُشترط لقيام هذا الجزاء أن يكون الإخلال بدون عذر مشروع، وأن يُثبت المؤمن الضرر الذي لحق به نتيجة هذا الإخلال. أما إذا ثبت أن التأخير لم يؤثر في مركز المؤمن أو أن الإخطار تم في وقت مناسب رغم فوات الميعاد المحدد، فلا يجوز حرمان المؤمن له من التعويض. وهذا الجزاء يُعد تطبيقًا لمبدأ حسن النية الذي يُهيمن على عقد التأمين، ويُحقق التوازن بين مصالح الطرفين.

تعريف السقوط وطبيعته :

السقوط في عقد التأمين هو جزاء قانوني يترتب على إخلال المؤمن له بالتزام من التزاماته العقدية، كالإخطار بوقوع الخطر أو الإدلاء ببيانات صحيحة، ويترتب عليه زوال حقه في المطالبة بالتعويض عن الحادث المؤمن ضده، كليًا أو جزئيًا.

ويتميّز السقوط بطبيعته الاتفاقية، إذ غالبًا ما يُنص عليه صراحة في وثيقة التأمين، ويُشترط لوقوعه أن يترتب على الإخلال ضرر فعلي للمؤمن، ما لم يُتفق على غير ذلك. ويختلف السقوط عن البطلان أو الانفساخ، في كونه لا يؤدي إلى زوال العقد ذاته، بل فقط إلى فقدان المؤمن له لحقه في التعويض عن حادث معين، وهو بذلك وسيلة ضغط لحمله على احترام التزاماته في إطار مبدأ حسن النية الذي يُميز عقد التأمين.

السقوط وإستبعاد الخطر :

يُعد السقوط أداة قانونية تُستخدم في عقد التأمين لاستبعاد الخطر من نطاق التغطية التأمينية، وذلك جزاءً لإخلال المؤمن له بالتزام جوهري، كعدم الإخطار بوقوع الخطر في الميعاد المحدد، أو تقديم بيانات غير صحيحة تؤثر في تقدير المؤمن للخطر.

ويترتب على السقوط استبعاد الحادث محل الإخلال من الضمان، أي أن المؤمن لا يكون ملزمًا بدفع التعويض عنه، مع بقاء العقد ساريًا بالنسبة لباقي الأخطار. ويختلف السقوط عن استبعاد الخطر الاتفاقي الذي يتم بموجب شرط صريح في وثيقة التأمين منذ البداية، إذ أن السقوط لا يُطبق إلا إذا تحقق الإخلال بالفعل، وثبت أن المؤمن قد تضرر منه، ما لم يُنص في العقد على السقوط بمجرد الإخلال دون حاجة لإثبات الضرر.

مكتب المستشار / محمد منيب

الأفضل في قضايا المحاكم المدنية والإيجارات

📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني

📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!