متى تعتبر المنحة أو المكأفاة جزاء من الأجر في القانون المدني ؟

متى تعتبر المنحة أو المكأفاة جزاء من الأجر في القانون المدني ؟

في القانون المدني، تُعتبر المنحة أو المكافأة جزءًا من الأجر إذا توافرت فيها بعض الضوابط التي تُحولها من تبرع اختياري إلى التزام على جهة العمل. ويستقر الفقه والقضاء على أن المنحة أو المكافأة تدخل في الأجر إذا ثبت أنها تُصرف بانتظام واستقرار، وتُربط بعلاقة العمل لا بمناسبة عارضة، كأن تُصرف سنويًا أو شهريًا لجميع العمال أو لفئة محددة على أساس موضوعي. فإذا ثبت أن صاحب العمل قد اعتاد صرفها للعاملين بصفة دورية، أو كانت منصوصًا عليها في عقد العمل أو لائحة الشركة، فإنها تُعد حقًا مكتسبًا للعامل وتُعامل معاملة الأجر من حيث آثارها، وتدخل في حساب الإجازات ومكافأة نهاية الخدمة والتعويضات. أما إذا كانت تُصرف على سبيل المجاملة أو مرة واحدة دون انتظام، فإنها تُعد تبرعًا لا يُلزم صاحب العمل بالاستمرار فيها.

عدم إعتبار المنحة أو المكافأة جزاء من الأجر إذا نص النظام الأساسي للعمل على ذلك :

لا تُعتبر المنحة أو المكافأة جزءًا من الأجر إذا نص النظام الأساسي للعمل أو لائحة الشركة صراحةً على أنها تُصرف على سبيل التقدير أو المجاملة، وأنها لا تُعد جزءًا من الأجر ولا تترتب عليها أي التزامات قانونية. ففي هذه الحالة، يُعتد بما ورد في النظام أو اللائحة باعتبارها تمثل إطارًا تنظيميًا ملزمًا للعلاقة بين العامل وصاحب العمل، خاصة إذا كانت هذه النصوص واضحة ومعلنة للعاملين وتم تطبيقها على نحو عام.

ويؤيد القضاء هذا الاتجاه، حيث قرر أن المنحة أو المكافأة لا تكتسب صفة الأجر إذا كانت مقررة بإرادة منفردة من صاحب العمل ونُص على أنها ليست التزامًا دائمًا، ولا تُستحق إلا وفق تقدير الإدارة، ما لم يثبت العامل خلاف ذلك من خلال اعتياد صرفها بانتظام وبشكل ثابت يجعلها في حكم الأجر المستتر.

الشروط الواجب توافرها في المنحة أو المكأفاة التي يجري العرف على إعتبارها جزاء من الأجر :

(أ) عمومية المنحة أو المكافأة :

تُعد العمومية من أهم الشروط اللازمة لاعتبار المنحة أو المكافأة جزءًا من الأجر، ويُقصد بها أن تُصرف المنحة أو المكافأة لجميع العمال أو لفئة منهم على أساس موضوعي وواضح، لا أن تكون مقتصرة على بعض الأفراد دون مبرر مشروع.

فإذا ثبت أن جهة العمل دأبت على منح المكافأة أو المحنة بشكل عام ومنتظم لكل من تنطبق عليه شروط محددة – كعدد سنوات الخدمة أو مستوى الأداء – فإن ذلك يدل على وجود نية التزام ضمني، وتنتفي عنها صفة المجاملة أو التبرع.

وقد استقر القضاء على أن صرف المكافأة أو المنحة بشكل جماعي أو وفق نظام معلن يكشف عن ارتباطها بعلاقة العمل، ويُضفي عليها صفة الأجر متى توافرت باقي الشروط كالثبات والانتظام والارتباط بالوظيفة.

(ب) إستمرار المنحة أو المكافأة :

يُعد الاستمرار في صرف المنحة أو المكافأة أحد العناصر الجوهرية التي تُضفي عليها صفة الالتزام وتحولها من مجرد تبرع أو مجاملة إلى جزء من الأجر المستحق للعامل. ويُقصد بالاستمرار أن تُصرف المنحة أو المكافأة بصفة منتظمة ومتكررة على مدى زمني طويل، سواء سنويًا أو شهريًا، دون انقطاع، مما يدل على أن جهة العمل قد استقرت على اعتبارها جزءًا من المعاملة المالية للعاملين.

وقد استقر القضاء على أن هذا التكرار والمواظبة في الصرف يُنشئ للعامل حقًا مكتسبًا، حتى ولو لم يكن هناك نص صريح يُلزم بها، لأن الاستمرار يُعتبر قرينة على نية جهة العمل في الالتزام بها، ولا يجوز لها بعد ذلك التراجع عنها دون مبرر مشروع أو تعديلها بإرادة منفردة.

(ج) ثبات المنحة أو المكافأة :

يُقصد بـثبات المنحة أو المكافأة أن تُصرف للعامل بقيمة محددة أو بطريقة منتظمة لا تتغير من عام لآخر أو من عامل لآخر دون مبرر موضوعي، بحيث تصبح جزءًا من نظام الأجور المعمول به في جهة العمل. وثبات المنحة يدل على أنها ليست تبرعًا عارضًا أو مجاملة مؤقتة، بل هي عنصر ثابت ومستقر في المعاملة المالية، مما يُكسب العامل حقًا مشروعًا في استحقاقها.

ويُعد هذا الثبات قرينة قوية على أن المنحة أو المكافأة جزء من الأجر، لا يجوز لصاحب العمل حرمان العامل منها أو تعديلها بإرادة منفردة، خاصة إذا تم صرفها لفترة طويلة وبقيمة ثابتة أو وفق معيار واضح. وقد أكدت أحكام محكمة النقض أن انتظام وثبات صرف المنح والمكافآت يخلع عليها صفة الإلزام ويُوجب إدخالها ضمن حساب مستحقات العامل القانونية.

إثبات العرف :

إثبات العرف يُعد من المسائل الواقعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع، ويقع عبء إثباته على من يتمسك به، سواء كان العامل أو صاحب العمل. ويُقصد بالعرف في هذا السياق العادة المستقرة التي جرى العمل بها في جهة معينة أو قطاع معين، واستمرت مدة طويلة على نحو يفيد القبول العام والالتزام الضمني بها.

ويجوز إثبات العرف بكافة طرق الإثبات، بما في ذلك المستندات، وشهادة الشهود، والقرائن، وكشوف المرتبات، وغيرها من الوسائل التي تدل على ثبات العادة وانتظام تطبيقها. ويشترط في العرف أن يكون عامًّا، ومستقرًّا، ومطّردًا، وغير مخالف للنظام العام أو لنصوص قانونية آمرة. فإذا ثبتت هذه الشروط، التزمت المحكمة بالأخذ به، واعتُبر بمثابة مصدر احتياطي من مصادر القاعدة القانونية يُكمّل النصوص عند غياب الاتفاق أو النص الصريح.

المكافأة تدور وجودا وعدما مع سبب إستحقاقها :

تُعد المكافأة من العناصر العرضية في الأجر، وهي لا تُستحق بذاتها لمجرد وجود علاقة العمل، وإنما تدور وجودًا وعدمًا مع تحقق سبب استحقاقها، كتحقيق ربح، أو أداء متميز، أو إنجاز معين يرتبط بها. فإذا تحقق السبب الذي من أجله قُررت المكافأة، استحقها العامل؛ أما إذا انتفى هذا السبب أو تخلف، فإن حق العامل في المطالبة بها يسقط، لأنها ليست جزءًا من الأجر الثابت أو التعاقدي، بل هي مقابل لنتيجة خاصة أو ظرف محدد.

وقد استقر الفقه والقضاء على أن المكافأة في هذه الحالة تأخذ حكم الجزاء المشروط، فلا تُعد من الأجر إلا إذا ثبت صرفها بانتظام وارتباطها بالعلاقة الوظيفية بشكل دائم، أما إذا كانت مرتبطة بتحقيق غاية معينة، فإنها تظل معلقة على تحقق تلك الغاية وتدور وجودًا وعدمًا معها.

مكتب الأستاذ محمد منيب المحامي – العدل يبدأ من هنا

أفضل محامي قضايا مدنية في مصر

تواصل معنا اليوم

📍13 شارع الخليفة من شارع الهرم ناصية فندق الفاندوم، بجوار السجل المدنى، الهرم، الجيزة.

📞 01006321774

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!