حق المؤمن والمؤمن له الجديد في فسخ عقد التأمين في القانون المدني
في القانون المدني، لكل من المؤمن والمؤمن له الجديد حق فسخ عقد التأمين ضمن شروط معينة. بالنسبة للمؤمن، يجوز له فسخ العقد إذا تبين له وجود مخالفة أو تحريف في بيانات الخطر أو إذا صدر من المؤمن له الجديد فعل يؤثر سلبًا على الخطر المؤمن منه، وذلك حفاظًا على مبدأ حسن النية في التأمين. أما المؤمن له الجديد، فيجوز له فسخ العقد إذا انتقل إليه الحق في التأمين – مثلًا عند بيع المال المؤمن عليه – ولم يرغب في استمرار التأمين وفق الشروط القائمة، أو إذا تغيرت ظروف التأمين بحيث لم تعد مناسبة له. ويشترط في الفسخ أن يتم بالإخطار القانوني وبالفترة الزمنية المحددة قانونًا أو عقديًا، لضمان حقوق الطرف الآخر وتفادي النزاعات. هذا الحق في الفسخ يعكس توازنًا بين حماية مصالح الطرفين مع الحفاظ على استقرار العلاقة التأمينية.
فسخ عقد التأمين من جانب المؤمن :
فسخ عقد التأمين من جانب المؤمن يُعتبر حقًا قانونيًا له في حالات محددة نص عليها القانون، ويهدف إلى حماية مصلحة المؤمن وعدم تحميله مخاطر غير محسوبة أو متفاقمة. يُسمح للمؤمن بفسخ العقد إذا اكتشف بعد التعاقد أن المؤمن له قد أخفى عنه حقائق جوهرية أو قدم بيانات غير صحيحة تتعلق بالخطر المؤمن منه، مما يعد إخلالًا بمبدأ حسن النية الذي يقوم عليه عقد التأمين.
كما يجوز فسخ العقد إذا طرأ تغير جوهري على ظروف الخطر بعد إبرام العقد ولم يتم إخطار المؤمن بذلك، مما يؤثر على التوازن بين الطرفين. يتم الفسخ عادة بإشعار خطي يوجهه المؤمن إلى المؤمن له خلال مدة محددة قانونيًا أو تعاقديًا، ويترتب على الفسخ انقضاء الالتزامات المستقبلية للمؤمن، مع حفظ حقه في المطالبة بالأقساط المستحقة عن الفترة السابقة. بذلك، يحقق فسخ العقد من جانب المؤمن التوازن بين حماية مصالحه وضمان احترام قواعد الشفافية والصدق في العلاقة التأمينية.
فسخ عقد التأمين من جهه المؤمن له الجديد :
فسخ عقد التأمين من جهة المؤمن له الجديد هو حق يمنحه القانون للمؤمن له الذي انتقل إليه الحق في التأمين – مثلًا عند انتقال ملكية المال المؤمن عليه – وذلك إذا لم يرغب في استمرار العقد بشروطه الأصلية أو إذا تغيرت الظروف بحيث لم تعد تلبي احتياجاته.
ويجوز للمؤمن له الجديد فسخ العقد خلال فترة زمنية محددة تبدأ عادة من تاريخ انتقال الحق إليه، شرط أن يقوم بإخطار شركة التأمين كتابيًا بهذا الفسخ. ويترتب على فسخ العقد انقضاء التزامات شركة التأمين تجاه المؤمن له الجديد، كما يوقف حق الأخير في المطالبة بالتعويضات عن المخاطر التي تقع بعد تاريخ الفسخ.
ويهدف هذا الحق إلى تمكين المؤمن له الجديد من اختيار استمرار التأمين أو الانسحاب منه وفقًا لما يتناسب مع مصلحته، مع الحفاظ على استقرار العلاقة التأمينية وعدم الإضرار بحقوق الأطراف الأخرى.
إفلاس المؤمن :
إفلاس المؤمن يُعد من الحالات التي تؤثر بشكل كبير على علاقة التأمين وحقوق المؤمن له، حيث يؤدي إلى تعطيل قدرة شركة التأمين على الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤمن له، خاصة في ما يتعلق بدفع مبالغ التعويض أو مبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه.
عند إعلان إفلاس المؤمن، تنتقل حقوق الدائنين تجاه الشركة إلى إدارة التصفية، وقد تتأخر التعويضات أو تُخفض حسب ما تسمح به أموال التصفية.
ولذا، فإن القانون المدني وبعض الأنظمة التأمينية تحرص على وضع ضمانات تحمي المؤمن لهم في حالات الإفلاس، مثل إلزام شركات التأمين بالاحتياطي الحسابي أو وجود جهات رقابية تتابع الأوضاع المالية للمؤمن. كما أن إفلاس المؤمن قد يمنح المؤمن له حقوقًا خاصة، كحق المطالبة بالدعوى المباشرة على المؤمن أو التحول إلى دائن مفضل في التصفية، حفاظًا على مصالحه وعدم حرمانه من حقوقه التأمينية.
أحكام القانون رقم 10 لسنة 1981 بشأن إفلاس شركات التأمين :
ينظم القانون رقم 10 لسنة 1981 بشأن إفلاس شركات التأمين إجراءات وحالات إعلان إفلاس شركات التأمين في مصر، بهدف حماية حقوق المؤمن لهم وضمان استقرار سوق التأمين. ينص القانون على إنشاء لجنة تصفية شركات التأمين تختص بإدارة أموال الشركة المفلسة وتسوية ديونها، مع إعطاء أولوية لسداد التعويضات المستحقة للمؤمن لهم على سائر الدائنين.
كما يشترط القانون على شركات التأمين الاحتفاظ باحتياطي حسابي يكفي لتغطية التزاماتها تجاه المؤمن لهم، ويجعل الجهات الرقابية المختصة مسؤولة عن مراقبة الوضع المالي لشركات التأمين واتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع تعرضها للإفلاس.
كما يوفر القانون آليات لتسريع صرف التعويضات وتقليل أضرار المؤمن لهم في حال تعرض الشركة للإفلاس، ويضع قواعد لنقل الحقوق والالتزامات إلى شركات تأمين أخرى إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، مما يعزز الثقة في قطاع التأمين ويضمن حماية المستهلك.
حلول جماعة الدائنيين محل المؤمن له المفلس :
عند حلول جماعة الدائنين محل المؤمن له المفلس في مبلغ التأمين، ينتقل حق الاستفادة من مبلغ التأمين إلى هؤلاء الدائنين مجتمعين وفقًا لترتيب ديونهم وأولوياتهم القانونية. فهذا الحلول الجماعي يعني أن مبلغ التأمين يصبح جزءًا من أموال التصفية الخاصة بالمفلس، ويُصرف للدائنين بما يتناسب مع حقوق كل منهم، مع إعطاء الأفضلية للدائنين المرتهنين الذين لهم حق خاص على الشيء المؤمن عليه.
ويهدف هذا الإجراء إلى حماية مصالح جميع الدائنين وعدم إهدار حقوقهم بسبب إفلاس المؤمن له، كما يتيح لهم متابعة المطالبة بالتعويض مباشرة على شركة التأمين في إطار التصفية. ويُراعى في هذا الحلول احترام ترتيب الديون وأولوية كل دائن، بما يضمن تحقيق العدالة في توزيع مبلغ التأمين بين جماعة الدائنين.