الإلتزام بإعلان تفاقم الخطر أثناء سير التأمين في القانون المدني

الإلتزام بإعلان تفاقم الخطر أثناء سير التأمين في القانون المدني

يترتب على مبدأ حسن النية في عقد التأمين التزام المؤمن له بإخطار المؤمن بكل ما يطرأ من ظروف تؤدي إلى تفاقم الخطر المؤمن منه أثناء سريان العقد، متى كان من شأن هذه الظروف أن تؤثر في تقدير المؤمن للخطر أو في شروط العقد لو كان يعلم بها. ويُعد هذا الإعلان ضرورة قانونية تمكن شركة التأمين من إعادة تقييم الخطر، سواء بزيادة القسط أو بوضع شروط جديدة، أو حتى بفسخ العقد إذا لم تعد تقبل بتغطية الخطر بعد تفاقمه. وقد نصت المادة 753 من القانون المدني المصري على هذا الالتزام بوضوح، حيث أوجبت على المؤمن له إخطار المؤمن بالتغيرات الجوهرية التي تطرأ على الخطر خلال مدة التأمين، خلال مدة معينة وإلا تحمل نتائج الإخلال بهذا الالتزام، ومن أهمها حق المؤمن في طلب الفسخ أو رفض دفع مبلغ التأمين إذا تحقق الخطر بسبب الإخلال بهذا الواجب.

مضمون الإلتزام بإعلان تفاقم أثناء سير التأمين :

يتمثل مضمون الالتزام بإعلان تفاقم الخطر في أن يلتزم المؤمن له بإبلاغ المؤمن بكل تغيير جوهري يطرأ على الخطر المؤمن منه بعد إبرام العقد وأثناء سريانه، متى كان من شأن هذا التغيير أن يزيد من احتمال تحقق الخطر أو من جسامته.

ويشمل ذلك، على سبيل المثال، تغيير النشاط في المكان المؤمن عليه، أو إدخال مواد خطرة، أو حدوث ظروف جديدة تجعل الخطر أشد مما كان عليه عند التعاقد. ويجب أن يتم الإخطار خلال الميعاد المنصوص عليه في العقد أو في مدة معقولة إذا لم يحدد ميعاد، ويكون الإبلاغ وسيلة لتمكين المؤمن من اتخاذ موقفه إزاء التغيير، سواء بقبول الاستمرار في العقد مع تعديل الشروط أو بفسخه.

وبهذا يكون مضمون الالتزام هو الإخطار الفوري والصريح بأي تفاقم في الخطر، لما لهذا الإفصاح من أثر مباشر على توازن العقد ومصلحة المؤمن.

ظروف الخطر الواجب إخطار المؤمن بها :

يقع على عاتق المؤمن له التزام بإخطار المؤمن بكل ظرف جديد يطرأ أثناء سريان عقد التأمين ويؤدي إلى تفاقم الخطر المؤمن منه، ويقصد بظروف الخطر هنا تلك الوقائع أو الأحوال التي من شأنها أن تزيد من احتمال وقوع الحادث المؤمن ضده أو أن تضاعف من آثاره.

وتشمل هذه الظروف، على سبيل المثال، إدخال تغيير جوهري في طبيعة الشيء المؤمن عليه، كتحويل مخزن عادي إلى مستودع للمواد القابلة للاشتعال، أو تغيير استعمال العقار المؤمن عليه، أو التوسع في نشاط يحمل خطورة أكبر.

كما تشمل أيضاً تغيرات في سلوك المؤمن له نفسه، كقيادة السيارة المؤمن عليها من قِبل شخص غير مأذون له أو عديم الخبرة. ويُشترط في هذه الظروف أن تكون جوهرية ومؤثرة في تقدير الخطر، وأن يكون المؤمن له على علم بها، لأن الإخطار في هذه الحالة يُعد واجباً قانونياً لا مجرد إجراء اختياري، ويترتب على الإخلال به آثار جسيمة قد تصل إلى فسخ العقد أو رفض التعويض.

وقت الإخطار :

يتعين على المؤمن له أن يبادر إلى إخطار المؤمن بتفاقم الخطر بمجرد علمه بالظرف الجديد المؤثر في الخطر، أي في أقرب وقت ممكن دون تأخير، ما لم يُحدد في عقد التأمين ميعاد معين لهذا الإخطار. فالالتزام بالإخطار هو التزام فوري، والغاية منه تمكين المؤمن من إعادة النظر في شروط العقد أو اتخاذ القرار المناسب، سواء بالاستمرار في التأمين مع تعديل القسط أو بفسخ العقد إذا أصبح الخطر غير مقبول.

ويُعد التراخي أو التأخير في الإخطار، متى كان بدون مبرر، إخلالاً جسيماً بالتزام المؤمن له، ويمنح المؤمن الحق في رفض التغطية التأمينية عن الحوادث الناتجة عن الخطر المتفاقم، وقد يصل الأمر إلى فسخ العقد بأثر فوري.

شكل الإخطار :

لم يشترط القانون المدني شكلاً معينًا للإخطار بتفاقم الخطر، ما دام النص أو العقد لم يُقررا خلاف ذلك، فيصح أن يتم الإخطار بأي وسيلة تفيد العلم اليقيني للمؤمن، كالإخطار المكتوب بموجب خطاب مسجل، أو عن طريق البريد الإلكتروني أو الوسائل الإلكترونية الحديثة، ما دامت تتيح إثبات حصول الإبلاغ وتاريخه ومضمونه.

غير أن الغالب في العمل التأميني أن يشترط المؤمنون أن يكون الإخطار كتابة، حرصًا على وضوح البيانات وتحديد المسؤوليات. ويجب أن يكون الإخطار واضحًا ومحددًا، يبين الوقائع أو الظروف الجديدة التي طرأت، دون غموض أو إخفاء، حتى يتمكن المؤمن من تقدير مدى أثر هذه التغييرات على الخطر المؤمن منه

الأثر المترتب على الإخطار :

يترتب على إخطار المؤمن بتفاقم الخطر أثر جوهري يتمثل في تمكينه من اتخاذ القرار المناسب بشأن استمرار العقد، إذ يجوز له بعد تلقي الإخطار أن يطلب تعديل شروط التأمين، كزيادة القسط أو تقليص التغطية، بما يتناسب مع مستوى الخطر الجديد، أو أن يقرر فسخ العقد إذا تبين له أن الخطر قد أصبح غير مقبول لديه.

فإذا وافق المؤمن له على التعديل، استمر العقد بالشروط الجديدة، أما إذا رفض أو امتنع، جاز للمؤمن إنهاء العقد وفقًا للقواعد المتفق عليها أو المنصوص عليها قانونًا.

ومن ثم، فإن الإخطار الصحيح والفي الوقت المناسب يحفظ للمؤمن حقه في تدارك تفاقم الخطر، ويجنب المؤمن له مخاطر فسخ العقد أو رفض المطالبة التأمينية، ويُعد الإخطار في ذاته وسيلة قانونية لضمان توازن العقد واستمرار الثقة بين الطرفين.

بقاء الخطر مغطي تغطية مؤقتة :

إذا قام المؤمن له بإخطار المؤمن بتفاقم الخطر أثناء سريان عقد التأمين، فإن الخطر يظل مغطى بصفة مؤقتة خلال الفترة الواقعة بين تاريخ الإخطار وتاريخ اتخاذ المؤمن قراره بشأن تعديل العقد أو فسخه. وتُعد هذه التغطية المؤقتة بمثابة التزام من المؤمن يظل قائمًا لفترة محدودة، حمايةً للمؤمن له وضمانًا لاستمرار العقد بشكل مؤقت ريثما يُحسم موقف المؤمن.

فإذا تحقق الخطر خلال هذه الفترة، التزم المؤمن بتنفيذ التغطية التأمينية ما لم يثبت أن المؤمن له تعمد إخفاء المعلومات أو قدم بيانات مضللة. أما إذا انتهت هذه المدة دون قبول المؤمن للشروط الجديدة أو اتخاذه إجراءً، فإن العقد قد يُفسخ بأثر فوري بحسب الأحوال، ما لم يكن هناك اتفاق أو نص قانوني يُلزم بمهلة محددة للرد.

خيارات المؤمن :

بعد أن يتلقى المؤمن إخطارًا من المؤمن له بتفاقم الخطر أثناء سريان عقد التأمين، يكون أمامه عدة خيارات يحدد من بينها ما يراه مناسبًا في ضوء التغير الذي طرأ على الخطر. الخيار الأول هو قبول استمرار العقد مع تعديل الشروط، كزيادة مبلغ القسط أو فرض قيود إضافية، بما يتناسب مع مستوى الخطر الجديد. والخيار الثاني هو رفض الاستمرار في العقد وطلب فسخه إذا تبين أن الخطر بعد تفاقمه قد تجاوز حدود القبول التأميني لدى الشركة.

ويجب على المؤمن أن يُبدي خياره خلال أجل معقول أو خلال المهلة المحددة في العقد، وإلا عُدّ ساكتًا عن حقه واستمر العقد بالشروط الأصلية. وتُعد هذه الخيارات وسيلة قانونية تُمكّن المؤمن من الحفاظ على التوازن العقدي وتقدير مدى تحمله للخطر في ضوء معطياته الجديدة.

(أ) طلب الفسخ :

يحق للمؤمن، إذا تلقى إخطارًا من المؤمن له بتفاقم الخطر أثناء سريان عقد التأمين، أن يطلب فسخ العقد إذا تبين له أن الخطر بعد التفاقم أصبح لا يتفق مع سياسته الاكتتابية أو تجاوز حدود القبول لديه. ويكون طلب الفسخ تعبيرًا عن رغبة المؤمن في عدم الاستمرار في تغطية خطر تغيرت طبيعته على نحو جوهري، ويُقدم هذا الطلب إما وفقًا للإجراءات المنصوص عليها في العقد، أو خلال ميعاد معقول من تاريخ الإخطار.

ويترتب على طلب الفسخ إنهاء العقد بأثر مستقبلي، ما لم يُنص على خلاف ذلك، ويُرد للمؤمن له الجزء من القسط الذي يُقابل المدة المتبقية من العقد. ويُعد طلب الفسخ في هذه الحالة حقًا مشروعًا للمؤمن يضمن له حرية تقدير مدى استعداده للاستمرار في تغطية الخطر بعد تغير ظروفه.

(ب) إستبقاء العقد مع زيادة القسط :

إذا أخطر المؤمن له المؤمن بتفاقم الخطر أثناء سريان عقد التأمين، وكان الخطر بعد التفاقم لا يزال مقبولًا من الناحية التأمينية، جاز للمؤمن أن يختار استبقاء العقد ولكن مع تعديل شروطه، وفي مقدمتها زيادة القسط التأميني بما يتناسب مع مستوى الخطر الجديد.

ويُعد هذا الخيار وسيلة توازن بين مصلحة الطرفين، إذ يضمن للمؤمن تغطية عادلة مقابل خطر أكبر، ويُبقي للمؤمن له الحماية التأمينية دون انقطاع. ويشترط أن يوافق المؤمن له صراحة على زيادة القسط، فإذا رفض، جاز للمؤمن أن يطلب فسخ العقد. وتُحتسب الزيادة عادة من تاريخ تفاقم الخطر أو من التاريخ الذي يحدده المؤمن في عرضه المعدل، وتُعد هذه الزيادة امتدادًا طبيعيًا لمبدأ التناسب بين القسط ومستوى الخطر المؤمن منه.

(ج) إستبقاء العقد دون زيادة في القسط :

قد يختار المؤمن، بعد إخطار المؤمن له بتفاقم الخطر، استبقاء عقد التأمين دون تعديل شروطه، ومن بينها الإبقاء على القسط كما هو دون زيادة، إذا رأى أن التغيير في الخطر لا يُعد جوهريًا أو لا يؤثر بدرجة كبيرة في احتمالية وقوع الخطر المؤمن منه.

وقد يُرجع المؤمن هذا الخيار لأسباب فنية أو تجارية، مثل المحافظة على العلاقة مع العميل، أو لأن الخطر بعد التفاقم ما زال يدخل ضمن حدود القبول التأميني المعتادة. ويُعد هذا الخيار إقرارًا ضمنيًا من المؤمن بقبول استمرار العقد في صورته الأصلية، بما في ذلك القسط المتفق عليه، ويترتب عليه التزامه الكامل بتغطية الحوادث التي قد تقع نتيجة الخطر المتفاقم، ما دام قد قبل صراحة أو ضمنًا بعد علمه بتغير الظروف.

نقص المخاطر :

إذا طرأ أثناء سريان عقد التأمين نقص في الخطر المؤمن منه، كأن تقل احتمالات تحققه أو تخف جسامته بسبب زوال أحد العوامل المؤثرة فيه، فإن من حق المؤمن له أن يطلب تعديل شروط العقد، وخاصة تخفيض القسط بما يتناسب مع مستوى الخطر الجديد.

ويستند هذا الحق إلى مبدأ التوازن العقدي، إذ لا يجوز أن يظل القسط مرتفعًا رغم أن الخطر قد أصبح أقل. ويلتزم المؤمن في هذه الحالة بإعادة النظر في القسط متى تحقق النقص فعلاً وثبت علمه به، سواء عن طريق إخطار المؤمن له أو بأي وسيلة أخرى. وإذا رفض المؤمن تخفيض القسط دون مبرر، جاز للمؤمن له أن يطلب فسخ العقد. ويُعد هذا التنظيم حماية لحقوق المؤمن له، وتحقيقًا للعدالة في توزيع الأعباء المالية بين الطرفين.

محمد منيب – مستشارك القانوني الموثوق في مصر

أفضل محامٍ قضايا المحاكم المدنية في مصر 

13 شارع الخليفة من شارع الهرم ناصية فندق الفاندوم، بجوار السجل المدنى، الهرم، الجيزة.

📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!