عدم إستحقاق متوسط العمولة عن أيام الإجازات الإعتيادية والمرضية في القانون المدني
يرى الفقه، وتؤيد ذلك بعض الاتجاهات القضائية، أن العامل لا يستحق متوسط العمولة عن أيام الإجازات الاعتيادية أو المرضية إذا كانت العمولة تُعد من ملحقات الأجر المتغيرة وترتبط بتحقيق نتيجة معينة، كإتمام عمليات البيع أو التحصيل. فطالما أن العامل لم يباشر العمل الفعلي خلال الإجازة، ولم يتحقق السبب الذي من أجله تُمنح العمولة، فإنه لا يُستحق عنها مقابل، ولا يدخل متوسط العمولة في حساب الأجر المستحق عن تلك الأيام. وهذا يتفق مع الطبيعة التعويضية للعمولة، باعتبارها أجرًا مقابل إنتاج فعلي أو جهد محدد، وليس أجرًا ثابتًا مستحقًا لمجرد وجود علاقة العمل. ومع ذلك، يُراعى في التطبيق ما إذا كان هناك نص صريح في عقد العمل أو لائحة الشركة يُجيز احتساب متوسط العمولة ضمن أجر الإجازات، ففي هذه الحالة يُعمل به باعتباره اتفاقًا مكملًا للعقد.
قضاء المحكمة العليا :
اتجه قضاء المحكمة العليا – بوصفها جهة فصل في تفسير القانون وتوحيد المبادئ – إلى تقرير أن العمولة لا تُعد من عناصر الأجر المستحقة للعامل عن فترات الانقطاع عن العمل، مثل الإجازات الاعتيادية أو المرضية، متى ثبت أن العمولة تُصرف مقابل عمل فعلي يرتبط بتحقيق نتيجة معينة كالبَيع أو التحصيل، وأنها ليست عنصرًا ثابتًا أو منتظمًا في الأجر.
وقد قررت المحكمة أن: "العمولة التي تُستحق نظير أداء عمل محدد لا تدخل ضمن الأجر الواجب أداؤه عن مدد لا يُباشر فيها العامل عمله، ما لم ينص القانون أو الاتفاق على خلاف ذلك." ويُستفاد من هذا الاتجاه أن الطبيعة الاحتمالية للعمولة تجعلها مقصورة على فترات العمل الفعلي، ما لم تكن هناك قرينة صريحة تُفيد خلاف ذلك في العقد أو اللوائح المعمول بها في جهة العمل.
إحتساب العمولة ضمن الأجر في تطبيق أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 (المعدل) بإصدار قانون التأمين الإجتماعي :
في تطبيق أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بإصدار قانون التأمين الاجتماعي، اعتبر المشرّع أن العمولة تُعد جزءًا من الأجر المتغير متى توافرت فيها شروط الاستحقاق، ويُعتد بها في حساب الاشتراكات التأمينية والمستحقات التأمينية للعامل، مثل المعاش أو تعويض الأجر أو غيرها من المنافع التأمينية.
وقد نص القانون صراحة على أن الأجر التأميني يشمل "الأجر الأساسي" و"الأجر المتغير"، والأخير يضم العناصر التي تتغير من شهر لآخر، ومن بينها العمولات، والحوافز، والنسب المئوية التي تُصرف للعامل لقاء الجهد أو الإنتاج. ويشترط لاحتساب العمولة ضمن الأجر المتغير أن تكون منتظمة أو قابلة للتقدير على أساس ثابت، حتى يمكن حساب متوسطها التأميني وفقًا للقواعد التي تُحددها الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي.
صدور حكم نهائي بالعمولة يقيد المحكمة عند إحتساب العمولة في أي فترة لاحقه بأساس العمولة التي أنتهى إليه الحكم النهائي :
إذا صدر حكم قضائي نهائي بثبوت استحقاق العامل للعمولة، وبيّن هذا الحكم أساس احتسابها أو نسبتها أو شروط استحقاقها، فإن هذا الحكم يُصبح حجة قاطعة في مواجهة طرفي النزاع، ويُقيد المحكمة عند نظر أي نزاع لاحق يتعلق بالفترة التالية للحكم، ما دامت الظروف لم تتغير وبقي العامل يؤدي ذات العمل محل العمولة.
ويُعد هذا التطبيق امتدادًا لمبدأ حجية الأمر المقضي فيه، حيث لا يجوز إعادة النظر في أساس استحقاق العمولة أو تعديلها ما دام الحكم السابق قد حسم هذا الأساس بشكل نهائي.
ومن ثم، تلتزم المحكمة عند احتساب العمولة في أي فترة لاحقة باعتماد ذات الأساس الذي انتهى إليه الحكم النهائي السابق، سواء من حيث النسبة أو طريقة الحساب، طالما أن الرابطة الوظيفية والعمل محل العمولة ظلا قائمين دون تعديل جوهري.
لا يجوز حرمان العامل من العمولة بسبب نقل تبعية القسم الذي يعمل به :
لا يجوز حرمان العامل من العمولة لمجرد صدور قرار إداري بنقل تبعية القسم أو الإدارة التي يعمل بها من وحدة إلى أخرى داخل المنشأة، طالما أن العامل واصل أداء نفس المهام التي تُستحق عنها العمولة، وظل يُباشر ذات النشاط الذي يحقق الإيرادات أو النتائج المرتبطة باستحقاقها.
فالعبرة في استحقاق العمولة ليست بالجهة الإدارية التي يتبعها العامل، وإنما بـتحقق السبب الذي تستند إليه العمولة، كإتمام عمليات البيع أو التحصيل أو الترويج. وقد استقر الفقه والقضاء على أن نقل تبعية العامل لا يؤثر على حقوقه المالية، ولا يُعتبر مبررًا لإهدار حقه في الأجر أو العمولة، متى استمر في ذات العمل وحققت جهوده النتيجة المطلوبة.
عدم إستحقاق العامل العمولة إذا نقل إلى الشركة لا تأخذ بنظام العمولة :
إذا تم نقل العامل إلى شركة أو جهة لا تتبع نظام العمولة في أجور العاملين بها، فإنه لا يستحق العمولة بعد هذا النقل، طالما أن الوظيفة الجديدة لا ترتبط بأداء عمل تُحتسب عنه عمولة، ولم يعد يُمارس المهام التي تُرتب هذا النوع من الأجر المتغير.
ويُستند في ذلك إلى أن العمولة تُعد من ملحقات الأجر المرتبطة بعمل معين أو نشاط محدد، فإذا زال هذا العمل بزوال سبب استحقاق العمولة، سواء بالنقل أو تغيير طبيعة الوظيفة، زال معه الحق في العمولة. ولا يُعد هذا حرمانًا للعامل من حق مكتسب، لأن استحقاق العمولة يتجدد بتجدد العمل الذي تُستحق عنه، ولا يترتب له أثر رجعي في حالة تغير الجهة أو النظام الذي يعمل به العامل ما لم يُوجد اتفاق صريح بخلاف ذلك.
المستشار محمد منيب
أول محامٍ متخصص وخبير في قضايا المدني في القاهرة
للتواصل بمكتب المستشار / محمد منيب
📍13 شارع الخليفة من شارع الهرم ناصية فندق الفاندوم، بجوار السجل المدنى، الهرم، الجيزة.