التأمين من الحريق نموذج للتأمين على الأشياء ف القانون المدني
التأمين من الحريق يُعد من أبرز النماذج التطبيقية للتأمين على الأشياء في القانون المدني، حيث يتمثل الغرض منه في حماية مال معيّن مملوك للمستأمن من الخسائر أو الأضرار التي قد تلحق به نتيجة نشوب حريق. ويُبرم هذا النوع من التأمين على أساس أن الخطر المؤمن ضده هو الحريق، ويُقصد به الاشتعال الناتج عن لهب ظاهر قد يسبب ضرراً مادياً للأشياء. ويشترط لقيام هذا التأمين أن يكون للمستأمن مصلحة تأمينية في المال محل التأمين، ويظل هذا الشرط قائماً طوال مدة العقد. ويتمتع التأمين من الحريق بطبيعة تعويضية، أي أن المؤمن يلتزم بدفع تعويض يعادل مقدار الضرر الفعلي الذي أصاب المال المؤمن عليه دون أن يتجاوز مبلغ التأمين المتفق عليه. ويُعد هذا النوع من التأمين تطبيقاً عملياً لمبدأ منع الإثراء بلا سبب، كما أنه يُظهر بوضوح دور عقد التأمين كأداة فنية لنقل الخطر من المؤمن له إلى المؤمن.
أمثلة للتأمين على الأشياء
التأمين من مخاطر الحريق :
يُعد التأمين من مخاطر الحريق أحد أهم صور التأمين من الأضرار، ويهدف إلى حماية الأموال والممتلكات من الأضرار التي قد تنشأ نتيجة نشوب حريق، سواء كان الحريق ناتجًا عن سبب داخلي كعطل كهربائي أو خارجي كحريق ممتد من مبنى مجاور.
ويشمل هذا النوع من التأمين عادةً المباني، والمخازن، والبضائع، والآلات، وغيرها من الأموال المعرضة لهذا الخطر. ويُشترط لقيام التأمين من مخاطر الحريق أن يتحقق خطر الحريق فعلاً، وأن يكون الحريق سببًا مباشرًا للضرر، وأن يكون للمؤمن له مصلحة تأمينية مشروعة في المال المؤمن عليه.
ويترتب على تحقق الخطر التزام المؤمن بدفع تعويض يعادل قيمة الضرر الحقيقي الذي أصاب المال محل التأمين، دون أن يتجاوز مبلغ التأمين المحدد بالعقد، مما يُجسّد الطبيعة التعويضية لهذا النوع من التأمين، ويُحقق الغرض الوقائي والاقتصادي المرجو منه.
المخاطر التي يسأل عنها المؤمن :
يسأل المؤمن في عقد التأمين من الأضرار – كالتأمين من الحريق – عن المخاطر التي تم الاتفاق على تغطيتها صراحة في وثيقة التأمين، وهي ما يُطلق عليها "الأخطار المؤمن منها"، والتي يجب أن تكون محددة أو قابلة للتحديد.
وتشمل هذه المخاطر عادةً الحريق والانفجار والصواعق، وقد تمتد لتشمل أخطاراً إضافية إذا تم الاتفاق عليها، كالشغب أو الزلازل أو تسرب المياه. ولا يسأل المؤمن عن الأضرار التي تنشأ عن خطأ جسيم من جانب المؤمن له، أو عن الحريق المتعمد، أو إذا ثبت أن الضرر ناتج عن غش أو خداع.
كما لا يسأل عن الأخطار المستبعدة صراحة من التغطية بموجب وثيقة التأمين. ويشترط لقيام مسئولية المؤمن أن يقع الخطر المؤمن منه خلال مدة التأمين، وأن يكون هو السبب المباشر للضرر، وأن يلتزم المؤمن له بإخطار المؤمن عند تحقق الخطر وفقاً لما تقضي به أحكام حسن النية في عقود التأمين.
الأضرار التي يشملها الضمان :
تشمل الأضرار التي يشملها الضمان في التأمين من الحريق كافة الخسائر المادية المباشرة التي تلحق بالأموال المؤمن عليها نتيجة تحقق خطر الحريق، بشرط أن يكون هذا الضرر ناتجًا مباشرة عن الحريق أو عن الوسائل المتخذة للحد من انتشاره أو لإطفائه، ككسر الأبواب أو تلف الممتلكات بسبب المياه المستخدمة في الإطفاء.
ويدخل في نطاق الضمان أيضًا ما يُعرف بالأضرار اللاحقة، مثل الضرر الناتج عن الأدخنة أو الانفجارات المصاحبة للحريق، متى كان ذلك مشمولًا بوثيقة التأمين أو من طبيعة الحريق المؤمن عليه.
ولا يشمل الضمان عادةً الأضرار الناتجة عن توقف النشاط أو الخسائر غير المباشرة إلا إذا تم الاتفاق على تغطيتها بموجب ملحق إضافي. ويخضع تحديد التعويض في هذه الحالة للحد الأقصى المبيّن في وثيقة التأمين، مما يُبرز الطبيعة التعويضية لهذا النوع من التأمين.
الأضرار الناشئة بسبب إتخاذ وسائل الإنقاذ :
تشمل التغطية التأمينية في التأمين من الحريق، الأضرار الناشئة بسبب اتخاذ وسائل الإنقاذ أو الحد من امتداد الحريق، متى كانت هذه الوسائل ضرورية ومشروعة. فالمؤمن يلتزم بضمان الأضرار التي تلحق بالأشياء المؤمن عليها نتيجة استخدام المياه لإطفاء الحريق، أو كسر الأبواب والنوافذ أو الجدران بهدف التهوية أو الوصول إلى مصدر النيران، أو نقل الممتلكات من مكانها لحمايتها.
ويستند هذا الضمان إلى أن هذه الأفعال تُعد من النتائج المباشرة والضرورية لوقوع الخطر المؤمن منه، وهو الحريق، وبالتالي تدخل ضمن نطاق التزام المؤمن بالتعويض. وقد أكد الفقه والقضاء أن هذا الضمان يسري حتى لو لم تنجح وسائل الإنقاذ في منع الضرر، طالما أن اتخاذها تم بحسن نية وبدافع الوقاية.
ضياع الأشياء المؤمن عليها أو أختفاؤها أثناء الحريق :
يُعتبر ضياع الأشياء المؤمن عليها أو اختفاؤها أثناء الحريق من المسائل التي تندرج في بعض الحالات ضمن نطاق الضمان التأميني، بشرط أن يثبت أن هذا الضياع كان نتيجة مباشرة للحريق أو حصل في ظل ظروف الحريق وما صاحبه من فوضى أو تدخلات سريعة للإنقاذ. فإذا تبين أن اختفاء الأشياء كان بسبب السرقة أثناء الحريق أو أثناء عمليات الإنقاذ، فإن الأمر يختلف بحسب ما إذا كانت وثيقة التأمين تغطي هذا النوع من الأخطار المصاحبة.
وفي الغالب، لا يلتزم المؤمن بتعويض الضياع الناتج عن السرقة ما لم يُنص صراحة في العقد على شمول التأمين لحالات النهب أو الاختلاس أثناء الكارثة. أما إذا كان الاختفاء ناشئًا عن تدمير الأشياء أو تبعثرها بفعل الحريق أو وسائل الإطفاء، فإن الضمان يشملها باعتبارها ضررًا ناتجًا عن الخطر المؤمن منه، وهو ما يتفق مع الطبيعة التعويضية لعقد التأمين من الحريق.
تلف الأشياء المملوكة لأسرة المؤمن له والملحقتين بخدمته :
يشمل التأمين من الحريق، في كثير من الأحوال، تلف الأشياء المملوكة لأفراد أسرة المؤمن له والملحقين بخدمته، إذا كانت هذه الأشياء موجودة في المكان المؤمن عليه وقت نشوب الحريق، وكان من المتفق عليه في وثيقة التأمين شمولها بالتغطية.
ويُقصد بأسرة المؤمن له: زوجه وأولاده وأصوله وفروعه ممن يقيمون معه في نفس المسكن، أما الملحقون بخدمته فهم من يعملون لديه إقامةً أو دوامًا في ذات المكان. ويُشترط أن تكون هذه الأشياء مملوكة لهم ملكية شخصية، وأن لا تكون مستعملة في نشاط تجاري مستقل عن المؤمن له، ما لم يتم التصريح بذلك في العقد.
ويُستند في شمول هذه الأضرار إلى أن الخطر وقع في المكان المؤمن عليه، وعلى ممتلكات تدخل في نطاق الحماية المقصودة، مما يجعل المؤمن مسؤولًا عن تعويضها في حدود مبلغ التأمين المتفق عليه، متى ثبتت الأضرار وكانت ناشئة عن الخطر المؤمن منه مباشرة.
مكتب المستشار محمد منيب
للاستفادة من خبرات المستشار محمد منيب وفريقه، زوروا موقعنا الإلكتروني mohamedmounib.com أو تواصلوا معنا للحصول على استشارة قانونية. نحن هنا لدعمكم وتحقيق العدالة التي تستحقونها.📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774