الصور غير العادية للتأمين على الحياة في القانون المدني

الصور غير العادية للتأمين على الحياة في القانون المدني

الصور غير العادية للتأمين على الحياة هي صور تخرج عن النمط التقليدي الذي يقتصر على التأمين لحالتي الوفاة أو البقاء، وتشمل أنواعًا خاصة ذات طبيعة اجتماعية أو مالية مميزة، مثل تأمين الزواج، تأمين المهر، تأمين الأولاد، وتأمين الأسرة. وتُستخدم هذه الصور لتحقيق أهداف تتصل بمناسبات أو التزامات مستقبلية محددة، وليس فقط لمواجهة الخطر في معناه التقليدي.
ويعترف بها القانون المدني بوصفها عقود تأمين على الأشخاص، طالما توافرت فيها أركان العقد، والمصلحة المشروعة، ولم تخالف النظام العام أو الآداب. وتُعد هذه الصور وسائل فعالة لـ الادخار المنظم، والتخطيط المالي الأسري، وتحقيق الحماية الاجتماعية، مما يُظهر مرونة نظام التأمين وقدرته على التكيف مع احتياجات الأفراد المختلفة.

الصور غير العادية للتأمين على الحياة

الصورة الأولى : للتأمين الجماعي :

التأمين الجماعي هو نوع من التأمين على الأشخاص يُبرم لصالح مجموعة من الأفراد تجمعهم صلة معينة، كالعاملين في شركة، أو أعضاء نقابة، أو موظفي مؤسسة. ويُبرم العقد عادةً بين جهة العمل أو الجهة الراعية وشركة التأمين، بحيث يستفيد منه جميع المنتمين إلى الجماعة المؤمن عليها دون حاجة لإبرام عقد فردي مع كل شخص.
ويشمل التأمين الجماعي تغطيات متعددة، مثل التأمين على الحياة، أو ضد المرض، أو الحوادث، أو العجز، وغالبًا ما يكون بشروط موحدة لجميع الأعضاء. ويُعد هذا النوع من التأمين وسيلة فعالة لتحقيق حماية اجتماعية شاملة بتكلفة منخفضة، ويُوفر مزايا جماعية يصعب تحقيقها في العقود الفردية، كما يعزز الشعور بالأمان والاستقرار المهني والاجتماعي للمؤمن لهم.

الصورة الثانية :التأمين الشعبي :

التأمين الشعبي هو نوع من أنواع التأمين على الأشخاص يُوجَّه خصيصًا إلى ذوي الدخل المحدود أو الفئات الضعيفة اقتصاديًا، ويهدف إلى تمكينهم من الاستفادة من التغطية التأمينية بأقساط بسيطة تتناسب مع قدرتهم المالية. ويُقدَّم هذا التأمين غالبًا من خلال هيئات عامة أو تعاونيات أو شركات تأمين بالتعاون مع الدولة، ويُغطي أخطارًا مثل الوفاة أو العجز أو المرض، وقد يتضمن مزايا إضافية كتوفير مبلغ معين عند التقاعد أو المساعدة في نفقات الجنازة.

ويتميز التأمين الشعبي بأنه لا يهدف إلى الربح بقدر ما يهدف إلى تحقيق وظيفة اجتماعية، من خلال نشر ثقافة التأمين وتوسيع قاعدة المستفيدين، ويُعد أداة من أدوات الحماية الاجتماعية التي تساهم في دعم الاستقرار الأسري والتكافل داخل المجتمع.

الصورة الثالثة : التأمين التكميلي :

التأمين التكميلي هو نوع من التأمين يُستخدم لزيادة أو استكمال المنافع التي يقدمها تأمين أساسي قائم، سواء كان تأمينًا صحيًا أو على الحياة أو ضد الحوادث. ويهدف إلى تغطية النفقات أو الأخطار التي لا يشملها التأمين الرئيسي، مثل الفروق في تكاليف العلاج، أو تقديم مزايا إضافية عند الوفاة أو العجز، أو تغطية بعض الخدمات الخاصة كالإقامة في غرف فندقية بالمستشفيات.

ويُعد التأمين التكميلي ضروريًا في الأنظمة التأمينية الحديثة، حيث يُساهم في سد الفجوة بين الحاجة الفعلية والتغطية المحددة في الوثيقة الأساسية، ويُتيح للمؤمن له مستوى أعلى من الحماية والطمأنينة، دون الحاجة إلى استبدال التأمين الأصلي، مما يجعله خيارًا مرنًا لتوسيع نطاق الأمان التأميني بحسب قدرة الفرد أو جهة العمل.

الأشخاص الذين يتناولهم عقد التأمين على الحياة :

يتناول عقد التأمين على الحياة عدة أطراف قد تختلف من عقد لآخر، وأهمهم: المؤمِّن، وهو شركة التأمين التي تلتزم بدفع مبلغ التأمين عند تحقق الخطر؛ والمؤمَّن له، وهو الشخص الذي يَتعلق الخطر بحياته أو وفاته؛ والمستفيد، وهو الشخص الذي يُصرف له مبلغ التأمين عند تحقق الخطر، وقد يكون هو نفسه المؤمن له أو شخصًا آخر يُعيّنه في العقد.

وقد يكون هناك أيضًا طالب التأمين، وهو من يبرم العقد ويدفع الأقساط، وقد يكون هو المؤمن له أو غيره، كأن يُؤمِّن الأب على حياة ابنه أو الزوج على حياة زوجته. ويشترط القانون في جميع هؤلاء الأشخاص توافر الأهلية، وأن تكون للمستفيد مصلحة مشروعة في بقاء المؤمن عليه حيًّا، خاصة إذا لم تكن هناك رابطة قرابة أو مصلحة مالية ظاهرة.

وثيقة التأمين :

وثيقة التأمين هي الصك المكتوب الذي يُثبت قيام عقد التأمين بين المؤمن (شركة التأمين) والمؤمن له، وتُعد الوسيلة الرسمية التي تُحدد شروط العقد وتفصيلاته. وهي تتضمن عادةً بيانات جوهرية مثل: اسم الطرفين، نوع التأمين، مبلغ التأمين، الخطر المؤمن منه، مدة العقد، قيمة الأقساط، والتزامات كل طرف، إلى جانب الشروط العامة والخاصة والاستثناءات.

وتُعد الوثيقة ذات حجية قانونية، فهي التي يُرجع إليها عند حدوث نزاع أو مطالبة بالتعويض، ولذلك يجب أن تُحرر بشكل واضح ودقيق، وأي شرط مطبوع أو غير بارز يُفترض تأويله لصالح المؤمن له في حال الغموض. كما أن بعض الشروط الجائرة قد يُقضى ببطلانها إذا خالفت النظام العام أو أحكام القانون، خاصة في عقود الإذعان التأمينية.

صورة وثيقة التأمين على الحياة :

تُعد وثيقة التأمين على الحياة الشكل الرسمي الذي يُثبت انعقاد عقد التأمين، وهي تتضمن جميع البيانات الأساسية المتعلقة بالعقد، وتُحرر عادة في نموذج مطبوع تُرفق به الشروط العامة والخاصة. وتشتمل الوثيقة على اسم المؤمن والمؤمن له، والمستفيد إذا عُين، ومبلغ التأمين، ومدة العقد، ونوع التأمين (مثل التأمين المؤقت، أو المختلط، أو لحالة البقاء)، إضافة إلى أقساط التأمين ومواعيد سدادها.

كما تتضمن الوثيقة الشروط التي تنظّم العلاقة بين الطرفين، والالتزامات المتبادلة، والاستثناءات التي لا يغطيها التأمين، مع بيان إجراءات المطالبة بمبلغ التأمين عند تحقق الخطر. وتُعد الوثيقة أداة أساسية لحماية حقوق المؤمن له أو المستفيد، وتُفسّر عند الشك أو الغموض تفسيرًا لصالح الطرف الضعيف وهو المؤمن له، التزامًا بمبدأ حسن النية في العقود التأمينية.

إنعدام صفة التعويض في التأمين على الأشخاص :

يتميّز التأمين على الأشخاص – بخلاف التأمين من الأضرار – بأنه لا يقوم على مبدأ التعويض، بل يُستحق فيه مبلغ التأمين المحدد في العقد بمجرد تحقق الخطر، كوفاة المؤمن عليه أو بقائه حيًّا إلى أجل معين، دون اعتبار لقيمة الضرر الفعلي أو الخسارة المادية التي لحقت بالمستفيد.

ففي هذا النوع من التأمين، لا يُشترط أن يُثبت المستفيد أنه تضرر ماديًا من تحقق الخطر، بل يكفي تحقق الخطر ذاته كما ورد في الوثيقة، لأن مبلغ التأمين لا يُعد تعويضًا عن ضرر، بل هو التزام تعاقدي ثابت يستحق بالكامل بمجرد تحقق الحدث المؤمن منه. ولذلك، لا يُطبق في هذا النوع من التأمين مبدأ جبر الضرر، ولا يُشترط وجود مصلحة مالية قائمة عند تحقق الخطر، إلا في بعض الحالات الاستثنائية، مثل التأمين على حياة الغير.

الآثار التي تترتب على إنعدام صفة التعويض :

يترتب على انعدام صفة التعويض في التأمين على الأشخاص عدة آثار قانونية هامة، أبرزها أن مبلغ التأمين يُستحق كاملاً بمجرد تحقق الخطر المؤمن منه، دون الحاجة لإثبات مقدار الضرر الفعلي الذي لحق بالمؤمن له أو المستفيد. كما لا يُشترط أن يكون للمستفيد مصلحة مالية مباشرة عند وقوع الخطر، ما لم يتعلق الأمر بالتأمين على حياة الغير، حيث يُشترط حينها وجود مصلحة مشروعة.

ومن الآثار المهمة أيضًا أن المستفيد قد يجمع بين مبلغ التأمين وأي تعويض آخر مصدره قانوني أو اتفاقي (مثل معاش من جهة العمل أو تعويض عن حادث)، لأنه لا يُعد مزدوجًا للتعويض. كذلك، لا تسري على هذا النوع من التأمين القواعد الخاصة بالتقليل من مبلغ التعويض أو قاعدة النسبية في حالة تعدد العقود، لأن مبلغ التأمين ليس تقديرًا للضرر، بل هو التزام تعاقدي مستقل بذاته.

الجمع بين مبلغ التأمين والتعويض المستحق للمؤمن له :

في التأمين على الأشخاص، يجوز للمؤمن له أو للمستفيد أن يجمع بين مبلغ التأمين وبين أي تعويض آخر يستحقه عن ذات الواقعة من مصدر قانوني أو اتفاقي، مثل تعويض عن حادث عمل أو معاش من جهة حكومية، دون أن يُعد ذلك ازدواجًا في التعويض.

ويرجع هذا إلى أن مبلغ التأمين في هذا النوع من العقود لا يُعتبر تعويضًا عن ضرر فعلي، وإنما هو مبلغ محدد يُدفع بموجب التزام تعاقدي ثابت بمجرد تحقق الخطر المؤمن منه، سواء كان وفاة أو عجزًا أو بلوغ أجل معين. وبالتالي، فإن الجمع بينه وبين التعويض لا يُخالف مبدأ التعويض، الذي لا يُطبق أصلاً في التأمين على الأشخاص، ما لم يوجد اتفاق صريح يُقيد هذا الجمع.

أفضل محامٍ قضايا المحاكم المدنية 

المستشار / محمد منيب المحامي 

📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني

📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!