أحكام الإلتزام بدفع قسط التأمين في القانون المدني
ينص القانون المدني على أن التزام المؤمن له بدفع قسط التأمين يُعد أحد الالتزامات الجوهرية في عقد التأمين، إذ لا تلتزم شركة التأمين بتغطية الخطر إلا مقابل دفع القسط أو الاتفاق على جدول سداد منتظم. ويجب على المؤمن له أداء القسط في الميعاد المحدد بالعقد، سواء كان القسط دفعة واحدة أو على أقساط دورية. وإذا تأخر في السداد دون مبرر، جاز للمؤمن، وفقًا لما يجيزه القانون أو وثيقة التأمين، أن يوقف سريان التغطية التأمينية مؤقتًا أو أن يطلب فسخ العقد، بعد إعذار المؤمن له ما لم يُعفَ من ذلك. كما قد يسقط حق المؤمن له في المطالبة بالتعويض إذا وقع الخطر خلال فترة توقف التغطية بسبب عدم دفع القسط. ويُظهر هذا التنظيم أن القسط ليس مجرد التزام مالي، بل هو الشرط الأساسي لانعقاد مسؤولية المؤمن وبداية سريان العقد.
من الملزم بدفع القسط ؟
الأصل في عقد التأمين أن المؤمن له هو الشخص الملزم قانونًا بدفع قسط التأمين إلى شركة التأمين، سواء أبرم العقد لصالح نفسه أو لصالح الغير. ويُعد دفع القسط التزامًا شخصيًا على عاتقه، ما دام هو الطرف الذي ارتضى الدخول في العلاقة التعاقدية مع المؤمن.
وفي بعض الحالات، قد يكون المستفيد غير المؤمن له، لكن ذلك لا يُغير من أن الالتزام بسداد القسط يبقى على المؤمن له وحده، ما لم يُتفق صراحة في العقد على خلاف ذلك.
وفي التأمين الجماعي أو التأمين على حساب الغير، قد يتحمل شخص غير المؤمن له القسط، كرب العمل مثلاً، ولكن هذا يتم بناءً على اتفاق أو نص خاص. ويُعد تحديد من يتحمل القسط أمرًا جوهريًا، لأنه يترتب عليه آثار قانونية، مثل المطالبة بالفوائد أو توقيع الجزاءات عند التأخير.
ميعاد (زمان ) دفع القسط :
يتحدد ميعاد دفع قسط التأمين بحسب ما يُتفق عليه في عقد التأمين أو ما تنص عليه الوثيقة، وقد يكون القسط مستحقًا دفعة واحدة عند بدء سريان العقد، أو مقسمًا على أقساط دورية (شهرية، ربع سنوية، سنوية). ويُعد هذا الميعاد عنصرًا جوهريًا، لأن التزام شركة التأمين بتغطية الخطر يبدأ غالبًا من لحظة سداد القسط أو على الأقل بعد حلول موعد استحقاقه.
فإذا تأخر المؤمن له في السداد، جاز للمؤمن – وفقًا للقانون أو شروط العقد – أن يوقف التغطية مؤقتًا أو يفسخ العقد بعد إعذاره. ويُراعى في تحديد ميعاد الدفع طبيعة الخطر المؤمن منه، ومدة التأمين، وظروف المؤمن له. وقد يُمنح المؤمن له مهلة سماح في بعض العقود دون أن تتوقف خلالها التغطية، حفاظًا على استقرار العلاقة التأمينية.
مكان الوفاء بالقسط :
يُوفى بقسط التأمين في المكان المتفق عليه بين الطرفين في عقد التأمين، وغالبًا ما يكون هذا المكان هو مقر شركة التأمين الرئيسي أو أحد فروعها، أو في بعض الأحيان عن طريق وسيط التأمين أو عبر وسائل الدفع الإلكتروني إذا كانت معتمدة من الشركة.
وإذا لم يُحدد في العقد مكان معين للوفاء، فإن القواعد العامة في القانون المدني تُطبق، والتي تقضي بأن يكون الوفاء في موطن المدين، أي في موطن المؤمن له باعتباره الملتزم بدفع القسط.
ومع تطور وسائل الدفع، أصبح من المعتاد سداد القسط عبر التحويلات البنكية أو المحافظ الإلكترونية أو من خلال منصات إلكترونية تتيحها الشركة، مما يُيسّر عملية الوفاء ويُقلل من فرص التأخير. ويُعد تحديد مكان الوفاء مهماً لتحديد ما إذا كان هناك تأخير في السداد، خاصة في حالة وجود نزاع حول تاريخ أو صحة الدفع.
طريقة دفع القسط :
تُحدَّد طريقة دفع قسط التأمين بحسب ما يُتفق عليه في عقد التأمين أو ما تجيزه شركة التأمين من وسائل دفع، ويجوز أن يكون الدفع نقدًا، أو بشيك، أو عن طريق التحويل البنكي، أو باستخدام وسائل الدفع الإلكتروني الحديثة مثل المحافظ الرقمية أو بطاقات الائتمان.
وقد يتم الدفع مباشرة في مقر شركة التأمين أو من خلال أحد الوسطاء المعتمدين. ويُشترط أن يتم الدفع بطريقة تُثبت الوفاء بوضوح، حفاظًا على حقوق المؤمن له، ولذلك يُفضل دائمًا الحصول على إيصال أو مستند رسمي يؤكد السداد. وفي بعض العقود، تُنظم الشركة طرق الدفع تلقائيًا عبر خصم دوري من الحساب البنكي.
وتُعد طريقة الدفع من الأمور الجوهرية في تنفيذ العقد، لأن صحة التغطية التأمينية وسريانها يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بثبوت أداء القسط بطريقة صحيحة وفي الميعاد المحدد.
عدم قابلية القسط للتجزئة :
يتميز قسط التأمين بأنه غير قابل للتجزئة، أي أنه يجب سداده كاملاً في الموعد المحدد، ولا يجوز للمؤمن له أن يجزّئه أو يفي بجزء منه ويطالب بالتغطية عن تلك النسبة فقط، ما لم ينص العقد على خلاف ذلك. ويعود هذا الأصل إلى طبيعة عقد التأمين، إذ أن التزام شركة التأمين بتغطية الخطر مشروط بأداء القسط كاملاً، باعتباره المقابل المباشر للخدمة التأمينية.
وبالتالي، فإن عدم سداد القسط بالكامل يُعد إخلالاً بالالتزام المالي ويمنح المؤمن الحق في وقف سريان التغطية أو فسخ العقد. غير أنه في بعض الحالات، قد يُسمح بتقسيط القسط بموجب اتفاق صريح، وفي هذه الحالة يُعتبر كل قسط فرعي مستحق الدفع في موعده وكأنه جزء غير مستقل، فإذا تخلف المؤمن له عن سداد أحد الأقساط، سرت عليه ذات الآثار المترتبة على عدم دفع القسط الكامل.
جزاء الإخلال بالإلتزام بدفع القسط :
يُعد دفع القسط التزامًا جوهريًا في عقد التأمين، ويترتب على الإخلال به جزاء خطير يتمثل في وقف سريان التغطية التأمينية أو فسخ العقد وفقًا لما تنص عليه الوثيقة أو أحكام القانون. فإذا لم يدفع المؤمن له القسط في الميعاد المحدد، جاز لشركة التأمين أن توقف التزاماتها، شريطة توجيه إعذار له بالوفاء خلال مهلة معينة، ما لم يكن هناك نص صريح يُعفي من الإعذار.
فإذا انقضت المهلة دون سداد، توقف التغطية بقوة القانون، ولا تُلزم الشركة بدفع أي تعويض عن الأخطار التي تقع خلال فترة التوقف. وقد يترتب أيضًا فسخ العقد نهائيًا إذا استمر الامتناع عن الدفع، مع احتفاظ الشركة بحقها في المطالبة بالأقساط المستحقة عن الفترة السابقة. ويهدف هذا الجزاء إلى حماية التوازن المالي لشركة التأمين وضمان جديّة العلاقة العقدية.
حكم القواعد العامة :
بحسب القواعد العامة في القانون المدني، يُعد الالتزام بدفع قسط التأمين التزامًا ماليًا ناشئًا عن عقد معاوضة، يخضع لأحكام الوفاء بالديون المنصوص عليها في المواد العامة، ما لم يرد في عقد التأمين أو في القانون نص خاص يخالف ذلك.
وطبقًا لتلك القواعد، يجب على المدين – وهو المؤمن له – أن يوفي القسط في الزمان والمكان والطريقة المتفق عليها، ويكون القسط غير قابل للتجزئة ما لم يُنص على خلاف ذلك، كما يُشترط أن يتم الوفاء من غير تأخير، وإلا عُدّ في حالة إخلال توجب إعذاره ثم ترتيب الجزاء المناسب، كالفسخ أو وقف التنفيذ. وتُطبّق أيضًا القواعد العامة في الإثبات، إذ يقع على المؤمن له عبء إثبات السداد، كما يُطبق مبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات.
ويؤكد هذا أن أحكام القسط في عقد التأمين تتكامل مع القواعد العامة، ما لم تتضمن الوثيقة أو النصوص الخاصة ما يقتضي خلاف ذلك.
أكبر محامى قضايا المدنى والعقارات المستشار/ محمد منيب المحامى
13 شارع الخليفة من شارع الهرم ناصية فندق الفاندوم، بجوار السجل المدنى، الهرم، الجيزة.
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774